د. عبدالواحد الحميد
في إحدى صالات المسافرين بمطار الملك خالد في الرياض يلفت انتباهك مكتب صغير يجلس فيه شاب وبجانبه رفوف صُفَّتْ عليها بعض الكتب المعروضة للقراءة المجانية لمن يرغب من المسافرين أثناء انتظار موعد إقلاع طائرته.
هذه الخدمة تقدمها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحت عنوان جاذب هو «المشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب». سلمتُ على الشاب الذي يشرف على تقديم الخدمة، فحدثني عن المشروع وسط مقاطعة المسافرين الذين يقتحمون علينا الحديث ليسألوه عن مواقع الصالات التي سيعبرون منها إلى بوابات السفر. وللأمانة، فقد كان الشاب متعاونًا مع المسافرين الذين يسألون عن رحلاتهم فيرشدهم كما لو أنه موظف في الطيران المدني أو في إحدى شركات الطيران، وللأمانة أيضًا لم يقاطع حديثنا أي شخص يسأل عن الكتب أو يرغب في القراءة ولم يقترب أحد من رفوف الكتب حتى لو بدافع الفضول!
سألت الشاب عن كيفية اختيار نوع الكتب المعروضة، وعن سبب غياب المؤلفات السعودية الحديثة، ومدى التعاون بين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة والنوادي الثقافية والأدبية وجمعيات الثقافة والفنون في المملكة، فأجابني بكل لطف واهتمام بما يعرف فقط من المعلومات فوظيفته هي الإشراف على تقديم الخدمة وليس الجوانب التي سألت عنها التي هي، بالطبع، من اختصاص إداريين في مكتبة الملك عبدالعزيز.
ولا شك بأن المشروع خطوة حضارية جميلة تُشكر عليها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، والمأمول أن تسهم هذه الخطوة في التشجيع على القراءة حتى لو في المدى الأبعد لأن التأثير قد لا يتحقق سريعًا فليس من السهل تغيير عادات الناس وميولهم واتجاهاتهم.
لكنني أود أن أعيد هنا طرح الأسئلة التي وجهتها إلى الشاب المشرف على تقديم الخدمة على أمل أن يطلع عليها المسؤولون في المكتبة، وأهمها هو سبب غياب المؤلفات السعودية الحديثة. لم يكن على الرفوف أي مجموعة قصص قصيرة لمؤلفين سعوديين أو دواوين شعرية أو كتب عن قضايا اجتماعية أو فكرية لمؤلفين سعوديين. لقد تمنيت أن يكون جزءًا من رسالة المشروع الوطني الترويج للمؤلفات السعودية، وبخاصة في المطار الذي يرتاده مسافرون من كل الجنسيات.
أود أيضًا أن أسأل عن أسباب غياب الكتب التي تنشرها النوادي الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون السعودية، فمخازنها تمتليء بالكتب التي تعجز عن توزيعها التي صدر بعضها منذ عشرات السنين وما زال حبيس المخازن يعلوه الغبار!
أخيرًا، لقد دخلت على الموقع الإليكتروني لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، فتمنيت أن يكون أفضل بكثير مما هو عليه، وبخاصة المكتبة الرقمية العربية ذات المحتويات المتواضعة التي يغيب فيها بشكل لافت للانتباه الإنتاج الأدبي والفكري السعودي الحديث.
شكرًا لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة على احتضان وتقديم المشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، وأملنا هو أن يتطور هذا المشروع فيحقق الأهداف المرسومة له عند إطلاقه.