د. عبدالواحد الحميد
قالت بعض الصحف إن حصيلة قيد الناخبين والناخبات كانت أرقاماً خجولة. وللأسف فإن هذه الأرقام الخجولة لا تعكس الجهد الإعلامي الكبير الذي واكب حملة الانتخابات منذ أن كانت في مرحلة ما قبل قيد الأسماء وحتى الآن!
البعض يرى أن السبب هو عدم الحماس لدى الناس وخصوصاً المرأة، وقد يكون ذلك صحيحاً أو لا يكون. ولكن فيما يتعلق بالنساء تحديداً، يبدو أن هناك عراقيل تتربص بالنساء، كالعادة!
دعوني أروي لكم قصة حقيقية عن تفاصيل المحاولة المستميتة التي قامت بها خمسُ نساء متعلمات ومثقفات للتسجيل في قيد الناخبات دون جدوى. فقد ذهبن إلى مركز الانتخابات يدفعهن الحماس للمشاركة الوطنية تأييداً لفكرة الانتخابات بصرف النظر عمَّن يفوز أو لايفوز فيها، فيكفي أنها تتيح المشاركة للمرأة لأول مرة كمرشحة وناخبة.
ولكن للأسف، كانت النتيجة خيبة أمل كبيرة!
مرة تلو المرة تذهب هؤلاء النساء الخمس إلى المركز، وفي كل مرة تطلب منهن الموظفة أو المشرفة المختصة وسائل إثبات لا يملكنها. لا نتحدث هنا عن إثبات الهوية الوطنية وإنما إثبات السكن! طلبت الموظفة منهن إثبات الإقامة بصك المنزل، لكن المنزل يملكه صندوق التنمية العقارية لأن عليه أقساط، والتفاصيل الفنية عند «ولي أمر» هؤلاء النساء اللاتي قلن للموظفة أنهن لا يعرفن تلك التفاصيل، وولي الأمر مسافر. تنازلت الموظفة، فطلبت منهن أي فاتورة تثبت سكناهن في الحي، فأحضرن فاتورة، لكن الموظفة رفضتها لأنها مستخرجة من «النت» وغير مختومة، فحاولت الناخبات إفهام الموظفة أن التسديد يتم عن طريق «النت» وليس بالطريقة القديمة عندما كانت شركة الكهرباء والماء تضع الفواتير الورقية تحت باب المنزل فيحتفظ الناس بـ»الفاتورة البيضاء» لـ»اليوم الأسود» عندما تنكر الشركة تسديد القيمة!
شخصٌ ما اقترح شهادة من مرجع العمل، لكن العمل كان في القطاع الخاص، فأخبرتهن الموظفة أن الشهادة لا بد أن تكون مصدَّقة من الغرفة التجارية!
شخص ثالث في المركز اقترح إحضار شهادة من العمدة، قالت النساء لا ندري أين مكان العمدة ولم نسمع به من قبل ولا يعرفنا أو نعرفه فنحن «مجرد نساء!!»، وفي أحسن الأحوال لا بد أن نقنع «ولي أمرنا» كي يذهب بنا إلى العمدة، وولي الأمر مسافر وهو غير مقتنع أساساً بكل هذا التعقيد.
بعد ثلاثة أيام متتالية من المراجعة المريرة، رمت واحدة من السيدات الخمس أوراق التسجيل في وجه الموظفة وصرخت بالعامية اللاذعة: «ترى حنا جايين هنا نشجعكم، لا تكونون عاد تظنون أننا جايين ننتخب أمين عام الأمم المتحدة»، وتبعتها النساء الأربعة وانصرفن من المركز إلى غير رجعة.
التدقيق، وليس التعقيد، مطلوب؛ وإلا ستظل أرقام تسجيل المرأة خجولة.