رجاء العتيبي
علينا أن نفهم طبيعة العلاقات بين الدول، حتى نفسر ما يجري لنا اليوم من ضغوط من دول مجاورة أو قريبة منا، يقول أحد السياسيين المخضرمين إن العلاقة بين كثير من الدول عبارة عن (ضغط مقصود) لأهداف سياسية، فالدولة - أي دولة - تقع بين (ضاغط ومضغوط) قد يستمر هذا (التضاغط) وقد يتوقف، وقد يتحول إلى سلام وتعاون.
اليوم نشاهد إيران (تضغط) علينا بصورة واضحة وبشكل علني، سواء عبر التصريحات التي يسمعها ويشاهدها العالم، أو عبر أعمال استخباراتية مخفية، والذين يرون أننا نحمل إيران أكثر مما تحتمل - في تقديري - واهمون، أو على أقل تقدير متفائلين أكثر من اللازم.
وإيران تتحرك باتجاهنا بناء على فكرة ( التضاغط ) بين الدول، ردا على إنهاء وجودها في اليمن، وفي البحرين، واستمراراً للمعركة في سوريا، وأسباب أخرى تاريخية، تعود لفكرة تصدير الثورة التي بدأها الخميني في مطلع الثمانينات الميلادية.
وتاريخياً مررنا (بضغوط) دولية سابقة أشد ضراوة وصعوبة، فلكنا يذكر ضغوط جمال عبد الناصر علينا مدعوماً من القوميين العرب، وكلنا يذكر ضغوط الهالك معمر القذافي، وضغوط صدام حسين، وضغوط اليمني المخلوع (عفاش) وضغوط دولة الإخوان في مصر، ولو رحت تبحث تاريخياً سترى في كل مرحلة من مراحل الدولة ضغوطاً خارجية قد تكون عسكرية، وقد تكون اقتصادية، وقد تكون إرهابية.
وإذا ما أردت أن تعرف شيئاً عن (الضغوط) الدولية، عليك أن تقرأ في (الحرب الباردة) وتشعباتها وتحولاتها وامتداداتها ودوائرها المنداحة التي شملت الكرة الأرضية بأكملها، برها وبحرها، ثلجها وأنهارها، جنانها وقفارها، وستعرف أيضا أن ذلك يأتي في دائرة السنة الكونية المتعلقة بدفع الله الناس بعضهم ببعض، حتى لا تفسد الأرض وتبقى حيوية متجددة.
ومن جانبنا رأينا الساسة السعوديين في جميع مراحل الضغط التي مرت بها دولتنا، رأينا كيف استطاعوا وبمهارة فائقة التخلص منها وتحويلها باتجاه آخر، والمحافظة على مقدرات الدولة ومكانتها والنجاة بالمواطن إلى بر الأمان، وما زالوا يعملون بحنكة ودهاء وبدعم من الشعب، الذي يثق في حكومته، ولا يهتز للرياح العاتية، ولا للشائعات، ولا تؤثر فيه عمليات ضغط لا تلبث أن يحبطها رجال الدولة المخلصون، فتزول كما زالت غيرها، فقليل من الصبر وتنقشع الغمة.