د. عبدالواحد الحميد
العنف الذي يمارسه بعض الأزواج بحق زوجاتهم ليس سلوكاً تقتصر ممارسته على المجتمعات المتخلفة، وإنما هو موجود في جميع المجتمعات، بما في ذلك المجتمعات التي حققت فيها الحركات النسائية نجاحات كبيرة في مجال حقوق المرأة. ويبدو أن هذا السلوك غير السوي هو من رواسب الماضي السحيق التي استمرت مع البشر منذ زمن الغابة حتى زمن الكمبيوتر. لكن المؤكد أن المستوى التعليمي والثقافي للأزواج لا يشكل حماية للزوجات من العنف لأن بعض المتعلمين والمثقفين أسوأ من بعض الأميين في تعاملهم مع زوجاتهم ومع أسرهم.
آخر ما عرفناه عن العنف الذكوري هو ما جاء في دراسة أمريكية نشرت «الجزيرة» النتائج التي توصل إليها الباحثون الذين أجروا الدراسة. لقد انتهت الدراسة إلى « أن الرجال الذين يعتبرون أنفسهم أقل رجولة وفقاً للمعايير التقليدية للنظرة إلى الجنسين في المجتمع ويشعرون بالضغوط جراء هذا الأمر ربما يكونون أكثر ميلاً للسلوك العنيف».
في كثير من الأحيان يتجه العنف الذكوري إلى النساء، وخاصة الزوجات. وربما لن يتفاجأ بنتائج هذه الدراسة الأزواج الذين يعنفون زوجاتهم فهم أعرف بأنفسهم وبرجولتهم المهددة، لكن المحزن هو أن هؤلاء الأزواج «الأقل رجولة» يُفَرِّغون عُقدهم النفسية على الزوجة المظلومة التي ساقتها الأقدار إلى الاقتران بهذا الصنف من الأزواج. الدراسة المشار إليها تم إجراؤها في الولايات المتحدة، ولكن يبدو أن طبائع ذكور البشر متشابهة، ولذلك فإن ما انتهت إليه الدراسة الأمريكية عن الذكور الأمريكيين ينطبق على غير الأمريكيين. وإذا كانت الإحصائيات المنشورة عن نسبة الرجال الذين يمارسون العنف مع النساء صحيحة فإن ذلك يعني أن معظم الرجال في بعض المجتمعات يعانون من أزمات تتعلق بـ«رجولتهم» حيث دلَّتْ إحدى الإحصائيات التي جُمِعَتْ في منتصف الثمانينيات الميلادية الماضية على أن حوالي 80 بالمائة من الرجال في الولايات المتحدة مارسوا العنف مع نسائهم!.
هموم المرأة، فيما يبدو، مشتركة في بلدان العالم! ومثلما رفع العمال شعار «يا عمال العالم اتحدوا» ربما يتعين على نساء العالم أن يرفعن شعار «يا نساء العالم اتحدن»؛ ورحم الله شريح القاضي الذي قال بيتاً من الشعر تحفظه الكثير من النساء:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم
فَشُلَّتْ يميني حين أضرب زينبا