رجاء العتيبي
يختلف محتوى الواتس أب عن محتوى جلسات (المشرقان) عند (عواير) بيوت الطين القديمة، أو محتوى جلسات (المركاز) المقاهي ، أو محتوى جلسات (الضحى) بكل ما فيها من مقبلات (شاي، فصفص، كراث ...)، وكل ما في الأمر أن الوسيلة اختلفت. بهذا المفهوم الذي يتفق عليه الكثير، نجد أن حالة الوعي الاجتماعي ما زالت تنمو ببطء، وإلا بماذا نفسر تناقل شائعات لا مصدر لها ولا منطق ولا دليل، ما الذي يجعل من شخص يحلف عليك في نهاية الرسالة بأن ترسلها، فترسلها خوفا من تهديداته بالمصائب التي ستحل عليك لو لم ترسلها. مجموعات الواتس التي باتت تشكل (عقول) الأسر، باعتبارها مصدراً للأخبار والمعلومات، تمثل حالة خطرة، تفوق بمراحل المجموعات التقليدية القديمة، وهذا هو الفرق الجوهري بينها، المجموعات التقليدية القديمة، تتصف بالعفوية والتسلية وتزجية الوقت، وندرة المعلومات، وإذا ما خالطها شائعة لا تكاد تصل لعشرة بيوت. أما مجموعات الواتس فتكاد تغني الأعضاء المنتمين لها عن تتبع أي وسيلة إعلامية، فكل ما يحدث في هذا العالم يصل إلى العضو وهو على وسادته، ولكن التفجر المعلوماتي الذي بيده، لا يعلم عن مدى صدق كثير منه، فكل ما هنالك أنه يضحك مرة، ومرة يحزن، ومرة يخاف، ومرة يتشاءم، ومرة يتفاءل، ومرة يتذكر أيام الزمن الجميل، ومرة يخاف من المستقبل. مجموعات الواتس بوصفها اتجاه اجتماعي لا أظنها تنتهي كما انتهى غيرها، مثل: الرسائل النصية بصيغتها الاجتماعية، أو البلوتوث، أو جوال الكاميرا، ولكنها تمثل حاجة لهم الآن تعيد (التجمعات القديمة) بتقنية جديدة، ومحتوى جديد، وأداء مختلف، سواء كان هذا التجمع يلتقي فيه عناصر عمل، أو تجمعات أسرية، أو تجمعات صداقات مختلفة. لا نستطيع أن نوقف العمل بالواتس، ولا نستطيع أن نقول للناس ماذا يعملون، وماذا يتابعون، ولكن يمكن أن تنشط الجهات المعنية بتكثيف حالة الوعي والناس في حالة سلم، لأن ساعة الأزمات تكون للشائعات أثر كبير، ذلك أن رفع مستوى الوعي يعطي لهذه المجموعات التقنية منعة ويحصنها من أي اختراقات عدائية.
التركيز على حلول الوعي في مجموعات الواتس، أهم بكثير من القنوات الاجتماعية الأخرى، باعتبار مجموعة الواتس مجموعة مغلقة، أما بقية القنوات فهي قنوات مفتوحة وسط مجتمع فسيح يتحاور فيه ملايين البشر.