د.خالد بن صالح المنيف
لن يقرع جرسٌ ولن تطيب حياةُ ولن تضحك ليال ولن يستتب أمرٌ إلا لأولئك النجباء الذي يتلمسون ويكتشفون مالا يستقيم من أمور ومالا يستوي من ظل وما لا يوصل من طريق؛ فاذا عرفوا الأمر ....حسنّوا وعدلوا وغيروا وتغيروا؛ فاطرّحوا ما يُفسد , وتجنبوا ما يؤخر , وعرفوا ما يجب أن يبقى من عادات وما يجب ان أن يرحل , ثم تجدهم بعد ذلك قد كبروا ولم يصغروا وزادوا قوة ولم يضعفوا ....ومعها قد ضمنوا لأنفسهم حياة ناجحة وعاقبة حسنة! وبعدها سيحررون المبلغ الذي يريدون من مصرف النجاح!
يقول الأديب عبدالوهاب مطاوع:
(قد تصحح الحياة أحيانا بعض أخطائها المؤلمة ، فتجمع بين الإنسان وبين من ضل الطريق إليهم ، وما زال في العمر والقلب بقية لتذوق جمال الحياة ، فتصبح بذلك فترة التيه والمعاناة وكأنما كانت تدريبا قاسيا عل اكتشاف من يصلحون له ويصلح لهم)
ودونك أمران معينان لك وداعمان لمسيرتك , وسيكونان لك قاعدة لانطلاقة قوية نحو الحصول على ماتريد من آمال وسعادة وحب ونجاح ونفوذ وذكر حسن , فقط شيئان اعتن بهما واجعلهما عادة مستديمة وأضمن لك حياة أجمل!
1. تلمس ما لا ينفع من أشياء وأدوات وأشخاص وأساليب وعادات ولا يقدم لك شيئا
2. تجنب تلك القائمة ومعه سيسهل الوصول إلى ضدها أي إلى ما ينفع ويقدم
وكيف لك أن تصل إلى قائمة ما لا يصلح؟
دونك طريقان:
1. أما أن يهديك من عجموا عود تلك الأمور وسبروا غورها وذاقوا مرها وتجرعوا غصصها, فميزوا خيرها من شرها, وتبينوا سقيمها من صحيحها!
2. وعندما لا تتوفر تلك الهدية من هولاء المجربين أما لشحهم أو لصعوبة الوصول إليهم!عند ذلك لن يكن هناك بد من الطريق الثاني أن تختبر الأمور بنفسك وتبحر في بحر المعرفة بها بقارب اليقظة!
• فذاك الذي أخفق في تجربة زواج عليه أن يتجاوز أخطاءه في التجربة الثانية!
• ومن لم تسعفه أدواته في تربية ابنه الأول ,عليه البحث عن أدوات أخرى مع الابن الثاني!
• ومن لم ينجح في مشروعه الأول عليه عدم تكرار ما جعله يخسر!
لا تبتئس إن تعثر جوادك وأفل نجمك ومال حظك , ولكن إياك و عثرة الروح , تعلم كيف تسقط إلى الأمام ولتتعلم من العثرة ما يجب أن تتحاشاه من المعاثر والمنزلقات وأن تبتعد عن تلك الدروب غير المجدية والتي لا فوز ولا نفع ولا فلاح يؤمل منها!
وإياك أن تشارك الضعفاء الجبناء في اعتقادهم في كون الفشل أمر يجب تجنبه وهو ما جعلهم يحجمون عن أي محاولة ويجبنون عن أي تقدم! وهذا لاشك هو الطريق الأقصر للفشل الكبير في الحياة!
يقول (شاربز كاترنغ) المخترع الكبير وباني نهضة جنرال موتورز العظيم: يكاد يفشل المخترع في أغلب محاولاته!
ولكن مايميز الناجحين العظماء هو كونهم إن أخفقوا لا ييأسون فيتوقفون, ولا يهابون فيبتعدون! ولايحول فشلهم الآني لخيبة دائمة ولا لحسرة مستمرة! ومهما حدث فلا تُقتل روحهم ولا تُحطم معنوياتهم ولا تنطفئ همهم ولا ينضمون لنادي الفاشلين الدائمين!.
وما أروع التوجه الفكري لأحد نشَّاري الخشب عندما احترق مخزن الأخشاب, وبينما كان أصحابه يبحثون عن وسيلة؛ للتخفيف عنه وتسليته, قال لهم: إني أتخيَّل كيف سيبدو المخزن الجديد!
فالفشل ياصديقي ليس عدوا يُهاب ولا خصما يتقى؛ بل هو في حقيقته صديقا(صادقا) ينفع ولا يضر لو أحسنت التفاعل معه! فهما حدث لك فلا تجعل من لحظات الإخفاق خنجرا في قلب كرامتك , ولا تجعل من خطأ (غير متعمد) معكرا لصفوا الحياة , ولا منكدا للحظات الصفاء!
وحتى الخطأ (المتعمد) على أنه خطية مقصودة؛ فليس من الحكمة أن تقدم على عمل وأنت تعرف سلفا أو حتى تعتقد أنه عمل خاطئ! ومع هذا فلا يحسن بك جلد ذاتك ومحاسبة النفس حسابا صارما قاسيا عانتا!
إن أردت نجاحا فعليك تحويل تلك العثرات وتلك التجارب والأخطاء البريئة -وحتى غير البريئة- إلى(قيمة) تراكمية حياتية ,متجاوزا تلك المشاعر المؤلمة بالشعور بالندم والاحساس بالإثم , تعامل معها كتجربة مفيدة وكبوابة لنجاح قادم, واعتبرها مرحلة هامة (تؤسس) لخطوة أخرى أقرب للنجاح وما أعظم ما فعله الأديب النحرير (محمود شاكر) والذي رسب في امتحان (اللغة العربية) فلم يتوجع ولم يتراجع بل واصل تعلم (العربية) وأخلص الاهتمام بها حتى كان بعد سنوات قلائل يلقب بـ(شيخ العربية) فلم ينتقم من نفسه بالهم والهروب ولم يقف مكتوف اليد ولم يكتنفه حزن ولا ألم فشعار الناجحين الخالد (سنظل سائرين) فلا تراهم يواجهون تلك العقبات بضيق بل يتعاملون معها كهدايا قيمة ودروس ثمينة ولا بأس من دفع ثمن زهيد لتلك الدروس ولكن بعدها سيكون الانتقام الحقيقي هو الناجح المدوي!
استيقظ كل صباح موقنا بأن الله معينك ومسددك وأن تواجه العقبات و الاخفاقات بلسان شاكر وثغر باسم مؤمنا بأن جزء مكمل لهذه الحياة ,وهنا سأهديك الطريقة التي يتعامل بها الناجحون مع الفشل:
1. يؤمنون بأن الفشل لازم من لوازم الحياة- وأنه ليس هناك فشل حقيقي، فما ما هو إلا خبرة مفيدة مكتسبة
2. يؤمنون بأنه لا يوجد فشل بل توجد طريقة غير سليمة يمكن التعديل فيها أو تغييرها.
3. لا يخجلون ولا تتحطم قوتهم الداخلية ولا صورتهم الذاتية عند الإخفاق
4. يجزمون بأن الفشل يكشف لهم عن نقاط الضعف فينتبهون لها
5. لا يفقدون الأمل أبدا ولا يغرقون في مستنقعات الخيبة
6. مهما حدث فلا جزع ولا قلق ولا خوف ولا رهاب ولا هلع
7. لا يستنكفون عن أي محاولة جديدة ولا يقبعون في أوجار اليأس
وأخيرا أقول لك: إضافة إلى كونه أمر محتوم؛ فالفشل ضرورة ماسة مفيدة للنجاح وباختصار فالفشل هو الرحم الذي يولد منه النجاح , اعمل واجتهد وابذل طاقتك واسع مستعينا بالله ولكن لا تطمح في نجاح تام تام ولا تطمع في نجاح كل مرة يكفي كما يقول كوبماير: يكفيك أن تنجح بما يكفي لتحقيق أغلب أهدافك!
ومضة قلم
99% من حالات الفشل ومواقف الإخفاق حدثت لأشخاص اعتادوا على اختلاق الأعذار!