موضي الزهراني
مع كل جريمة قتل، أو تعنيف يحدث لأطفال أبرياء لاحول لهم ولاقوة، ومن أقرب الناس لهم (أحد الوالدين وغالباً يكون الأب) والتي بدأت في الظهور والازدياد في السنوات الأخيرة، فإنني أتساءل عن أسباب ذلك بالرغم أن الجهود الدولية والمحلية لرسم السياسات والخطط لتطوير آليات التدخل تطورت عن السنوات الماضية، والجهات المعنية سواء كانت اجتماعية أوحقوقية تعددت مشاركاتها الدولية والمحلية بشأن توثيق وابراز جهودها في مجال حماية الطفل، والاجتماعات المحلية والدولية بالتعاون مع الجهات المعنية مستمرة وبشكل سنوي لاستعراض التطورات لكل دولة في هذا المجال! والأنظمة الخاصة بحماية الطفل ولله الحمد اعتمدت وأُعلنت لتطبيقها وبهدف تحقيق الحماية اللازمة للأطفال المهددين بالعنف الأسري خاصة! لكن ما زالت المفاهيم الشرعية والاجتماعية بشأن ملكية الأطفال لدى الكثير من الآباء والأمهات هي المُسيطر الأقوى على تلك الجهود والأنظمة والاتفاقيات الدولية، ومازالت تتحكم في مصير كثير من هؤلاء الأطفال الضحايا في سويعات، وتلحقهم في عداد الأموات بسبب سيطرة الملكية الأبوية القاتلة لكثير من أطفال المُطلقات، وأطفال المدمنين، وأطفال المرضى نفسياً أو عقلياً! وتفاصيل جريمة جبل النور في مكة المكرمة أكبر دليل على ذلك! فالأم على أثر خلافات مع زوجها المريض نفسياً تركت المنزل وطفليها مع أب يعاني من اعتلالات نفسية خطيرة والدليل ماقام به من جريمة بحق طفليه! وقيامه باستخدام دماء طفليه وكتابة اسم زوجته على جدار المنزل، ثم اطلاق الرصاص على نفسه بالمسدس الذي قتل به ابنيه لدليل قوي على سوء حالته النفسية والعقلية أيضاً! هذا الأب الذي قتل طفليه لأسباب مرضية خطيرة، بلاشك أن حالته لم تكن بين ليلة وضحاها، بل لها تاريخ سابق والدليل عدم تحمل الأم استمرار العيش معه، وأنقذت نفسها هرباً من تصرفاته، لكن الطفلين لماذا لم يتم انقاذهما من قبل الأم بتبليغ الجهات المسئولة عن حمايتهما؟! لماذا لم تطالب بهما عاجلاً عند الجهات القضائية؟! لماذا لم تُبلغ الجهات الحقوقية في منطقتها للتدخل العاجل لحماية الطفلين؟! اذن هذا هو الخلل القاتل لجميع الجهود المحلية والدولية، والمُعيق لتطبيق أنظمة الحماية بمايحقق مصلحة الأطفال، والقاتل لأرواحهم بسبب سلبيات كثير من الأمهات والأقارب والمُطلعين على حالات كثير من الأطفال المعذبين بسبب سوء وضعهم الأسري! والخلل القاتل أيضاً ذلكلكامن في الإيمان بأن الأطفال ملك خاص للأب مهما كانت حالته العقلية! خاصة أن كثيرا من الأمهات يتخلين عن أطفالهن بدون اجتهاد منهن لحمايتهم بسبب خوفهن من ردة فعل الأب المريض أو المدمن، وبسبب أيضاً تخلي كثير من الأهالي عن الوقوف بجانب بناتهن ورفضهم لأطفالهن بحجة التخلص من مواجهة الكثير من الاصطدامات مع هذا الأب المريض! وبسبب ضعف الأحكام القضائية تجاه هذا التقسيم الظالم لمصير كل طفل! لذلك سنشاهد الكثير من الحوادث القاتلة لأطفال آخرين مازالت آليات التدخل لحمايتهم تنهزم أمام سلبية الأمهات، وضعف الأحكام الشرعية بحق حياتهم مع من تكون! وبسبب المفهوم القاتل لملكيتهم الأبوية!!