د. عيد بن مسعود الجهني
قبل أن يجف حبر اتفاقية ملف طهران النووي (الناقصة) تبجح بعض قادة بلاد فارس متباهين بسيطرتهم على مقدرات أربع دول عربية، يقصدون العراق الذي قدمته الإدارة الأمريكية لطهران على طبق من ذهب وبلاد الشام التي تعاون عليها وعلى أهلها أهل الشر من الإيرانيين
في غض طرف من المجتمع الدولي وفي مقدمته ماما أمريكا ورئيسها (المتردد)، وينطبق الأمر على بلاد الأرز لبنان التي عاث بأمنها واستقرارها حزب الشيطان بدعم صارخ من ملالي طهران.
أما اليمن التي قصدها بعض قادة فارس، فإن كيدهم رد إلى نحورهم (بقوة) سعودية قادت تحالفا عربيا قويا لتقطيع الأيادي التي امتدت إلى اليمن السعيد لتعيد الأمل إلى ذلك البلد الشقيق الذي نادى أهله وحكومته الشرعية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز طالبين النجدة، وما أن دوت عاليا طلبات النصرة حتى لبى حكيم الإنسانية النداء (بقوة) تطبق شريعة الله الخالدة التي أمرت بالوقوف إلى جانب المظلوم، انصر أخاك ظالما أو مظلوما، ظالما ترده عن غي ظلمه حتى ولو بحد السيف، ومظلوما تقف معه بقوة حد السيف حتى يأخذ حقه كاملا غير منقوص، وهذا ما أمر به خادم الحرمين الشريفين في مبادرة تاريخية تلقاها العرب والمسلمون والمجتمع الدولي بالترحاب والقبول.
ويسير المخطط الجهنمي بعد فوز إيران بتوقيع معاهدة ملفها النووي ليلتقطها قيصر روسيا بوتن المتحمس لوضع جديد في حرب باردة جديدة، فما أن فرغ الرجل من دعمه لطهران في مشروع ملفها النووي (الغامض) حتى كون معها والعراق وسوريا حلفاً.
وخرج من رحمه على الفور انضمام روسيا إلى طهران جهاراً نهاراً في الحرب لدعم نظام الأسد، ولم يأتِ دعم بوتن بآلته العسكرية المتطورة في الخفاء أو تحت ستار إنما أعلنه بسفور غير مسبوق وبتحد صارخ لصديقه السيد أوباما، فبعد ساعات من اجتماعه معه وتوزيع الابتسامات هنا وهناك حتى هب بوتن غير مبال بالدخول إلى سوريا في طول البلاد وعرضها تحت شعار الحرب على الإرهاب!! المقصود شن حرب معراة على كل جبهات المعارضة السورية.
لكن هـذه هي القوة التي هي إحدى قواعد القانون الدولي متجاهلة أن القانون الدولي قاعدتاه القوة والمصلحة، ولا يجوز لأي دولة الاعتداء على دولة أخرى بدون قرار واضح من الأمم المتحدة التي تأسست على أنقاض عصبة الأمم، وكانت الصين هي أول دولة توقع على ميثاق عصبة الأمم أعطيت ذلك الشرف لأنها مزقت بتلك الحرب ثم تلاها توقيع الدول المؤسسة للمنظمة ومنها بالطبع المملكة.
أما المصلحة كقاعدة للقانون الدولي فإن روسيا تدعي أن لها مصلحة في حربها في سوريا، وهي مصلحة محاربة الإرهاب، ومعها إيران. وهذا ادعاء لا سند له في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، فأي دولة لا بد أن تفوض من قبل مجلس الأمن للحفاظ على مصلحة دولية يشترك فيها المجتمع الدولي قاطبة.
وحقيقة الأمر أن محاربة الإرهاب فيه مصلحة لحماية دولة ما أو دول أو مجتمعها، لكن لابد من احترام ميثاق الأمم المتحدة ومجلس أمنها وقواعد القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان واتفاقيات القانون الدولي لحقوق الإنسان وأولا وأخيرا سيادة الدول، وهذا لم يحدث في الحالة السورية ، فروسيا وطهران ومعهما العراق وحزب الشيطان خرقوا كل تلك المواثيق والقوانين والاتفاقيات الدولية.
ومصلحتنا نحن العرب في دعم أهل الشام، فهذا واجب ديني، فإذا تكالبت الدول على ذلك الشعب وجاؤوا من كل حدب وصوب لهلاكه، فإن واجب العرب والمسلمين الوقوف صفا واحدا لدعمه في زمن صراع جديد بين الدب الروسي وحزبه والغول الأمريكي وحلفائه المتخاذلين، فأمريكا التي انفردت بقيادة العالم والهيمنة في المحيط التكنولوجي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي (السابق)، ها هي اليوم تواجه روسيا التي أخذت تتعافى من مسببات الانهيار والصين التي تتحفز للقيادة والهند والاتحاد الأوربي، ولذا سيشهد التاريخ مبارزتها لأمريكا، ولا بد للعرب أن يعرفوا أين مكانهم من معادلات (القوة) هذه.
روسيا أرادت بدعمها لنظام بشار أمام شعب سوريا الأعزل الخروج من محنتها في أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة عليها وتعرضها لخناق اقتصادي كبير مع تردي عملتها تجاه العملات الدولية في ظل تدني أسعار النفط عالمياً.
كما أن إيران تشن حملة شعواء على العرب خاصة دول المجلس تطل على المنطقة العربية برمتها لتخلق الهواجس الأمنية والعسكرية، تخطط لنفوذ في كل المنطقة، ويبقى على العرب في خضم هذه التطورات والتغيرات السريعة إقليميا ودوليا تبني استراتيجية (جادة) لصياغة نظام عربي جديد على (أنقاض) النظام العربي والأمني (المريض) تضمن للأمة النهوض بعد كبوتها والسير بعد غفوتها والعزة والكرامة.. كما رأينا على أرض اليمن (بقوة) سعودية.. رسالة قوية إلى كل قلب مريض.. وإلى كل صاحب فتنة وحقد دفين.
نقول هذا لأن من يرصد مجريات العلاقات الدولية والتحالفات التي تدور من حولنا، والصراع العربي - الإسرائيلي، ومواقف الإدارات الأمريكية يدرك أن العرب تلقوا الخذلان تلو الخذلان من الإدارات الأمريكية المتعاقبة.. والسيد أوباما أكبر مثال فبعد جورج بوش الابن الذي وعد مرارا وتكرارا بقيام دولة فلسطين قبل مغادرته للبيت الأبيض فبعد (8) سنوات ذهبت وعوده مع السراب، وخليفته أوباما كان أكثر وضوحاً بخطاباته في كل من القاهرة وإندونيسيا واعدا بشدة بأن رئاسته ستفعل الأفاعيل في القضية الفلسطينية، فالدولة الفلسطينية ستعلن لا محالة في عهده الميمون، وحقيقة الأمر أن القضية الفلسطينية في ولايته ماتت موتا لم تمته من قبل.. وهذا هو الوعد!!
حقيقة أخرى أمرّ من العلقم والعجيب المضحك.. وشر البلية ما يضحك.. أن أوباما صرح تصريحا ناريا اعتبر استعمال طاغية الشام لأسلحة دمار شامل ضد شعبه (خطا أحمر) وأن إدارته لم ولن تسكت عليه، وقد تجاوز جزار سوريا ذلك الخط الأحمر وخطوط حمر أخرى، ولم يحرك أوباما ساكنا.
دكتاتور واحد قتل أكثر من (350) ألفاً من الشعب السوري، وجرح أضعاف أضعاف هذا الرقم ناهيك عن الآلاف المؤلفة من أصحاب العاهات والمشردين في الداخل والخارج أكثر من نصف السكان غادروا بلادهم منهم من احتضنتهم المملكة إخوة أعزاء (2.5) مليون، وملايين آخرين في الأردن ولبنان وتركيا، وينقل لنا الإعلام بعض أشقائنا السوريين وهم يموتون غرقا في بطون البحار ويمشون حفاة لأيام عدة يبحثون عن مأوى لهم في دول أوربا فواحدة تطردهم وأخرى تتردد في استقبالهم.. وثالثة تعد في قبول بعضهم مهاجرين.. رحلة عذاب شاقة للسوريين طال عمرها فقد تجاوزت الأربع سنوات وليس في الأفق ما ينذر بانتهائها.
كل الجرائم التي عرفها الإنسان ارتكبت ضد هذا الشعب من قتل وتدمير وتشريد وتعذيب، شعب يقتل ليل نهار بأسلحة محرمة دوليا ضمن جرائم إبادة جماعية، جريمة شعب يحرق ليصبح وصمة عار في جبين المجتمع الدولي، وجرائم تهجير ليسجل التاريخ الإنساني أكبر هجرة إنسانية بعد الحرب الكونية الثانية، من دولة واحدة، في ظل تعاون روسيا وإيران والعراق وحزب الشيطان ضد هذا الشعب الأعزل، ولا ضمير دوليا يتحرك.. ولا مجلس أمن يقول كلمة، فالفيتو الروسي حاضر كما أن الفيتو الأمريكي حاضر بالنسبة لإسرائيل.
إن الناظر لحال أهل الشام اليوم يتقطع نياط قلبه آلاماً وحسرة لما لحق بهذا الشعب الشقيق من قتل وتشريد وانكسار وتشتت وتمزق، وكيف لا يتقطع القلب ألما والنفس حسرة وهو يرى هذا الشعب وقد توالت عليه الدول حروبا وأثقلته الجراحات وأقعدته عن السير العثرات.
وإذا كان هذا الشعب المظلوم قد تجرأ عليه من تجرأ من الدول والشعوب، وتداعت عليه كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فإن واجب الدول العربية اليوم تطبيق مبدأ قاعدتي القانون الدولي (القوة والمصلحة).. مدهم بأسلحة متطورة، فإن استراتيجية الحد من قوة الطيران أو القضاء عليها معروفة، فالصواريخ المضادة للطيران تحتضنها ترسانة دول كبرى تدعي وقوفها إلى جانب المقاومة السورية ومنها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فعلى هذه الدول إذا كانت صادقة النية في محاربة الإرهاب أن تمد المقاومة الشرعية بالصواريخ المضادة للطيران والدبابات، لترى قوة المقاومة الوطنية في الوقوف في وجه نظام بشار ومعه إرهابه وإرهاب داعش.