عروبة المنيف
تلك الآلة العجيبة التي في متناول أيدينا، ولا تفارقنا ليلاً ونهاراً، وتكاد تكون ظلنا الذي نستظله، هي الآن زادنا الفكري والعاطفي والروحي والنفسي.. العيون مسلطة عليها في كل الأوقات حتى فقدنا لذة الاستمتاع بالحياة ومباهجها وأحداثها؛
فلم نعد بوجودها نثق بالذاكرة في توثيق الأحداث حتى بدأنا نصاب بالتبلُّد والنسيان لكثرة الاعتماد عليها.
إن جهازنا الآيفوني أصبح في الوقت الحالي سلاحاً ذا حدين؛ فلا ننكر حجم الثورة المعلوماتية والاتصالية التي أحدثها في كل المجالات، وعلى مدى الأربع والعشرين ساعة، ولكن أي منتج مهما كانت محاسنه تسود سلبياته عندما يُساء استخدامه. وللأسف، كما في الآيفون، تنعكس السلبيات ليس على المستخدم فقط بل على المجتمع كله.
ما سأتحدث عنه اليوم هو «ظاهرة واحدة» فقط من الاستخدامات السيئة للآيفون نظراً لأهميتها في التأثير على الاستقرار والسلم الأهلي. إنها ظاهرة إعادة تدوير الرسائل المستقبَلَة من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي بدون وعي وتفكير وتحليل وتمحيص بمحتوى الرسالة ومدى تأثيرها على «المستقبل».
عند استقبالنا لأي رسالة يجب أن نقوم بتحليلها بطريقة واعية بحيث نتأكد من مصدرها ومدى مصداقيتها أولاً، ثم نطرح أسئلة على أنفسنا: «هل إعادة إرسال هذه الرسالة ستخدم أهم هدف مجتمعي، ألا وهو حماية السلم الأهلي؟»، و»هل إعادة إرسالها ستساهم في الرفع من الوعي المجتمعي، وسيقوي الأواصر المجتمعية الأخلاقية واللحمة الوطنية، ولن تكون سبباً في إثارة أي نوع من النعرات الدينية أو الطائفية أو القبلية أو...». وإن لم تكن كذلك فلنتوقف عن تدويرها، ولا نساهم وبأيدينا في زعزعة أمن واستقرار الوطن.
بعد حادثة تدافع مشعر منـي، وما نتج منها من ردود أفعال إيرانية سلبية؛ إذ كانت فرصة لإيران لبث أحقادها، كما أن البعض وجد أن التربة خصبة، وأن الموسم مُغْرٍ لزرع بذورهم الطائفية؛ فقاموا بتمرير رسائلهم الطائفية التحريضية التي تساهم في إحياء النعرات الطائفية؛ وبالتالي إثارة الفتن والقلاقل التي تزعزع الأمن والسلم الأهلي، وتقود للدمار والحروب؛ فانتشرت الرسائل التي تكيل التهم والشتائم لهذا الطرف أو ذاك.. فالحذر من هذه اللعبة الخطيرة!