أ. د.عثمان بن صالح العامر
تعيش دول من عالمنا العربي اليوم مرحلة جديدة من الاستعمار الذي هو في الأساس مصطلح مضلل ونعت مجّمل في عيون الأتباع، لما هو في نظر المستَعْمر خراب ودمار للعباد والبلاد، والاستعمار الجديد هذا- الذي تعيشه شعوب عربية حبيبة ونعايش نحن أحداثه المفصلية الساعة تلو الأخرى - لا يختلف في غاياته وأهدافه النهائية عن الاستعمار التقليدي المعروف، إلا أنه اختلف في الآليات والمسارات؛ إذ وظف منظروه ومنفذوه على حد سواء وسائل وأساليب جديدة للوصول إلى أهدافهم المشينة، لعل من أبرزها وأهمها على الإطلاق:
* المثقف العربي الذي جعل العالم الافتراضي مطيته للمشاركة الفعلية في مرحلة التفكيك.
* الطائفية الدينية التي علت نبرتها في أجزاء عريضة من عالمنا العربي بغية الصدام والمدافعة باسم الدين.
* المظاهرات الشبابية التي أخذت طابع المسيرات السلمية الرافعة للافتات المستفزة للقيادات والساسة والعلماء، والحاشدة للجماهير المتعطشة للإصلاح المنتظرة للفرج من رحم الثورات المزعومة والمتخفية تحت مسميات براقة كثورة «الربيع العربي» المكذوب!!!
ومن أساليبه التي يمكن للراصد أن يلاحظها:
* المطالبة بالديمقراطية ورفع سقف الحرية - بدلالتها الشمولية والعامة- على يد عدد من المثقفين وأشباههم وأنصافهم في المرحلة الأولى من مراحل التفكيك للنسيج العربي الذي لم يكن متماسكاً بالقدر الكافي الذي يؤهله للمقاومة والممانعة وصد الاعتداء الداخلي، المدعوم خارجياً والمبرر نظرياً والمؤطر والمصبوغ عند البعض من المنظرين بشرعية المطالبة بحقوق الإنسان العربي!!.
* إسقاط الرموز والقدح في الزعماء والقادة والرؤوس والعلماء، بل حتى الآباء، من قبل الشباب المستأجر الذي يبحث عن مكان له في العالم الجديد.
* شن حرب ثقافية عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل خلخلة المفاهيم وضرب القيم واتهام النظم، وهذا في النهاية يصب في مشروع الهدم والتفكيك، الذي يراد منه إذابة الهوية العربية وإسقاط الدول القطرية تمهيداً لمرحلة جديدة ما زالت في رحم الغيب.
* إعطاء الوعود الكاذبة للتسيّد والسيادة، والحصول على أمانٍ ما زالت غائمة وغائبة لدول وشرائح نخبوية ورموز فكرية ودينية واجتماعية، وربما أشخاص كانوا وما زالوا في الظل، من أجل ضمان التفاعل مع مشروعهم التفكيكي الاستعماري الخطير، من خلال ما يعرف بـ»مشروع الفوضى الخلاقة».
* بعث فكر الخوارج المتكئ على التكفير والدم، وتوظيف شريحة من الشباب المتحمس عن جهل للدخول في المناطق المحصنة العصية على التفكيك بطريقة أو بأخرى.
* التهجير والإفراغ.
* نسف التاريخ ومحو الآثار.
* التدخل العسكري إذا لزم الأمر بعد نجاح مرحلة التفكيك والهدم.
هذا ما كان فماذا عمّا هو في قادم الأيام ، وما الكلمة التي ستقولها الجماهير العربية التي أدركت حجم الخسائر وعظم الأزمات بعد رحيل سراب البقيعة وتكشف الأمور، أتمنى أن يكون خير، والسلام.