فيصل خالد الخديدي
هي مواقف تتسلل من الأبواب الخلفية؛ لتتسيد المشهد في عتمة لون، وغياب وعي، وانعدام ثقافة.. تتسارع بسوء؛ لتكشف سوءة كثير من الممارسات في الساحة التشكيلية، وتسعى جاهدة لهدم الثقة في الممارسات الأنقى والأرقى؛ ليحل محلها غثاء وجفاء، يعصفان بكل ما هو ساتر لضعف وهشاشة الموجودات في الساحة، وكأنما هي أعاصير، تسعى لسقوط أوراق التوت عن عُري المشهد التشكيلي بشتى مستوياته..
- تُنظم الورش التشكيلية في المناسبات واللامناسبات بلا أهداف ولا وعي لماهية الورش وفلسفتها، ولكنها رغم ذلك قدمت نماذج كاشفة للمستويات الحقيقية لعدد من الأدعياء، الذين تظلهم مراسمهم المظلمة بظل الأجهزة المختلفة والأيادي الخفية، التي تنتج منجزاً، يختلف عما ينتجه الفنان ذاته في الورش.
- الكتابة في الفنون التشكيلية وعنها إنما هي إحساس صادق، وتعبير بليغ، تخرج حروفه بسلاسة وتسلسل متى ما لامست بشفافية عملاً ما أو فناناً متمكناً أو قضية محل نقاش.. فالأقلام الحرة لا تُستحلب، والقضايا لا تستجدى، والكتابة عن الفن فن، لا يجيده إلا مَنْ كان على فن.
- إذا حضرت بقوة وتعصب فإنها تلاحق الفن والإبداع؛ لتخرجه من الأبواب الأمامية والشرعية للفن، وتحل محله، أو تجعله قابعاً في الصفوف الخلفية للساحة التشكيلية بعد فناني المناطقية والقبلية والشللية، وحتى بشكة الحارة أصبحت تُنظّر للفن، وتزاحم فيه، وذلك بعد أن غاب الفن، وغُيبت أهدافه ورسالته، وحضر حب الظهور والمنفعية المؤقتة بعنصرية مقيتة.
- المفاهيمية فنٌ قائم على فكر وفلسفة، يأتي في أبسط صوره بإخراج الأشياء من مستوى مفهومها المعتاد إلى مستوى مفهوم آخر مبتكر من صنع الفنان، وفق فلسفته الخاصة، وفكر متسق مع طبيعة المادة.. أسرف الكثير في استخدام مصطلح المفاهيمية في غير موضعها، واستُهلكت في كل مجالات الفن، وأصبحت المفاهيمية فن من لا فن له.
- لم يترك شيئاً إلا ذمه، ولا منظماً إلا انتقصه، ولا محكماً إلا شكك في أمانته.. سيلٌ جارف من التُّهم والتشويه، وكأنما كان منتهى الحياة، أو إليه يأوي الفن والجمال.. مواقفه المتغيرة والمتنمرة لم تكن لشيء إلا لأنه لم يحالفه الحظ بالفوز في مسابقة، كان يراها الأفضل عالمياً، قبل أن تعلَن نتائجها، ويشكِّك بها، ويدعو لمقاطعتها.
- الحروفية.. الخيول.. أصبحت مثاراً للشفقة، بعد أن استهلكها الكثير باسم الفن بضعف في المنجز، وتسطيح للفكر، ولوي لعنق الجمال وأصوله؛ فأصبح من يعرف ومن لا يعرف يحشدها في أعماله بتوظيف غير صحيح، ولا رؤية عميقة؛ فغدت أعمال الكثير متشابهة، لا تفرّق بين الأصيل والهجين منها.
- سأل ببساطه: هل العمل الفني يقدم الفنان أم الفنان يقدم عمله؟؟؟ ومن حالته كانت الإجابة؛ لأنه - وببساطة - أيضاً أنموذجٌ لكائن تشكيلي حقيقي، قدمه عمله الفني بصدق وجلاء بعد سنوات من الصبر والصدق على منجزه.