سمر المقرن
خطوة جيدة، من مجلس الشورى العمل على نظام حقوق الأمهات المطلقات، لكن المؤلم في الموضوع أن -بعضهم- يعتقد بأن صدور نظام من الشورى يعني أنه خرج إلى حيّز التنفيذ، وهذا أمر غير صحيح إذ ينبغي أن يفهم هؤلاء بأن الشورى جهة استشارية ليس بيدها حل ولا ربط في تنفيذ أي نظام يقرّ منها، وأنها تقدم مقترحات قد تُقبل وقد لا تُقبل، وأن آلية هذه الأنظمة تصل إلى سنوات طويلة حتى تخرج إلى النور!
مع ذلك، أؤكد على أن هذا الحِراك الجيّد في مجلس الشورى مفيد للمجتمع، وهم يعملون وفقًا لحدودهم، مع الشكر والتقدير لهذه الجهود المبذولة، إلا أن ما جعلني أبدأ بهذه الديباجة هو عشرات الرسائل التي تدفقت على صناديق رسائلي من أمهات موجوعات بعد أن قرأن عبر الصحف هذا الخبر مستبشرات بأن شيئاً ما قد يتغير في أوضاعهن وأوضاع أطفالهن الضحايا، فالأوضاع بعد الطلاق لا يربح فيها سوى الرجل، وهذا ما يجعل كثير من الزوجات يفضلن حياة بلا حياة على أن تتجرأ وتطلب الطلاق لأنها ستخرج بلا أي حقوق. هل تصدقون لو قلت لكم أنه في أمريكا نفقة الطفل تتراوح بين 4000 إلى 8000 دولار أمريكي، أي ما يعادل حوالي 15000 إلى 30000 ريال شهريًا، وهي موزعة على نفقة التعليم والصحة والسكن وغيره من النفقات، في حين أن نفقة الطفل لدينا تتراوح بين 500 إلى 1000 ريال، وبالعقل والمنطق هل هذا المبلغ يكفي مصاريف الطفل؟ بلا أدنى شك هو لا يكفي غياراته لمدة أسبوعين، لذا فإن الأم هي المسؤولة عن الطفل وعن نفقاته وتربيته وكل أمور حياته، مع ذلك تعتبر قاصرة عن التحكم في أبسط أوراقه وثبوتياته وبحكم أنها ممنوعة من استخراج أو تجديد جواز سفرها، فهي كذلك مع أطفالها، وهذا من أكثر الأمور التي يتلاعب بها -بعض- الآباء لإذلال المرأة التي رفضته وأنفصلت عنه، فيحكم عليها بالبقاء في حكم الممنوعين من السفر، في حين أنه يتزوج ويعيش حياته ويسافر كلما أراد ويبقى الهم موجعًا حياة الأم المسكينة، وزيادة الشقاء مزيد من شقاء الحياة والمجتمع!
لقد آن الأوان لإعادة النظر في هذه الأنظمة، وأن تكون الأم المطلقة مواطنة صاحب صلاحيات كاملة في المجتمع، وهذا لن يحدث دون أن تحصل المرأة بكل حالاتها الاجتماعية على حقوقها كمواطن بإمكانه أن يتصرف بحياته وحياة أبنائه.
لا يُمكن لأحد أن يُنكر حقيقة تطور الساحة القضائية في السنوات الأخيرة، وهذا التغيير الإيجابي والملموس ينبغي أن يطول الأنظمة والأحكام التي تخص النساء، ومن المهم أن تكون معروفة ولا تختلف أحكامها من قاض لآخر، فالأحوال الشخصية بشكل عام لا ينبغي أن تخضع لاجتهادات مختلفة، إنما تحتاج إلى قوانين مكتوبة ومستقاة من بحور الشريعة الإسلامية لتضمن حقوق المرأة والطفل وحتى حقوق الزوج نفسه!