جاسر عبدالعزيز الجاسر
الحق الذي لا يطالب أهله به يضيع، وأهلنا في الأحواز العربية الذين سلبهم الفرس أرضهم ووطنهم في شمال الخليج العربي يكاد يضيع بعد أن تخلى العرب عن دعم إخوانهم، وتسارع خطى التفريس التي حولت مدن الأحواز العربية إلى مدن فارسية حتى أسمائها غيروها، فأصبحت المدن العربية التي تحمل وهج العرب وعبق القبائل العربية التي عبرت بقيم الإسلام وشيم العرب إلى الضفة الشرقية من خليج العرب ليكافئهم الفرس بتحويل إماراتهم إلى ولايات فارسية تدين بالولاء لشاههم آنذاك بهلوي، وينتهي بهم المطاف إلى العيش تحت راية الولي السفيه فيذيقهم الويل والثبور.
في عهد حكم ملالي إيران استهدف أحرار الأحواز ونالوا ضعف ما يناله أقرانهم من أحرار الشعوب الإيرانية الأخرى، صحيح أن الظلم يشمل الجميع، إلا أن الحقد العنصري لملالي إيران انصب في معظمه على عرب الأحواز الذين أصبح تدلي رجالهم من أعمدة المشانق منظراً مألوفاً لإرهاب أهالي الأحواز.
الأحواز النازفة دماً، والمستباحة لكرامة رجالها ونسائها تستنجد بالعرب فلا أحد يرد، تناشد الضمائر وإنسانية المجتمع الدولي فلا أحد يرد، الدماء تنزف والكرامة تهدر، والاحتلال الفارسي يجثم على صدور الأحرار العرب في الأحواز وغيرها من المناطق العربية دون أن يحرك الآخرون ساكناً، ويتركون المناضلين والأحرار يواجهون مصيراً مظلماً.
في يوم الجمعة الماضي انتفض الأحوازيون ومعهم العرب والأصدقاء الأوروبيون ونظموا تظاهرة حاشدة في العاصمة النمساوية فيينا.
التظاهرة التي شارك فيها رموز عربية ودولية وطبعاً أحوازية طالبت المؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب العربي الأحوازي والضغط على نظام ملالي إيران للجم جماحها ومنعهم من الاستمرار في سياسة القتل بسبب الهوية والتهجير الطائفي وتفكيك المجتمعات العربية.
مطالب العرب في الأحواز مطالب مشروعة، وتستنجد بالعرب أشقائهم الذين تخلوا عنهم منذ وقت طويل، ورغم أن نظام ملالي إيران يتدخل في الشؤون الداخيلة العربية، ويزعم الدفاع وحماية الشيعة في البلدان العربية، نراه يكيل العذاب ويتفنن في إيذاء العرب في الأحواز، وأغلبهم من الشيعة، وهو خداع يعرفه العرب الشيعة جميعاً، فالفرس يمارسون غطرسة عنصرية متأصلة زادها المصممون الفرس الذين وضعوا بنوداً في دستورهم بمنع وصول أي شخص من غير أصول فارسية إلى سدة الحكم، رغم أن إيران تضم قوميات متعددة من العرب والأكراد والتركمان والبلوش، ولا يشكل الفرس سوى أقل من30 بالمئة من تعداد السكان، ومع هذا تحكم القوميات بقوة الحديد والنار وترى المشانق منصوبة ليس في الأحواز بل في أقاليم الأكراد والبلوش والتركمان، وإن زاد عددها في الإقليم العربي.
العرب الأحواز يستنجدون بأشقائهم العرب في دول الجوار، ومع هذا لا نجد دعماً من هذه الدول بسبب تمسك حكوماتها بسياسات عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، رغم كل انتهاكات نظام ملالي إيران وعدم احترامه للجيران، وفوق كل ذلك اضطهاده وقمعه لكل ما هو عربي.
ليس فقط معاملة نظام ملالي إيران بنفس أسلوبه وليس فقط رداً على عنجهية النظام وعجرفته وتهديده الدائم لدول الجوار العربية، بل أيضاً المشاركة الإنسانية والانتماء لأمة واحدة تفرض على الجميع أن يهب لمساعدة العرب في الأحواز، وكذلك الأكراد في كردستان الشرق، في إقليم كردستان الذي يخضع لنظام ملالي إيران والبلوش في إقليم بلوشستان والتركمان في شمال إيران، وجميع هذه الأقاليم يعتنقون مذهب أهل الجماعة من السنة الذين يواجهون الويل والتعنت والمحاصرة من ملالي ايران، والذين أنشأوا فرقاً لقمع هذه الشعوب المضطهدة التي تنتظر من يدعم ثوراتها وأولهم عرب الأحواز: فهل يتحرك العرب لخدش جدار ملالي إيران الذين يعدونه زجاجة قابلاً للكسر إن وجد الثوريون العرب والأكراد والبلوش من يدعمهم.