فهد عبدالله العجلان
لن أكتب عن خالد المالك كَرئيس تحرير لأني لن أضيف إلى تاريخه أو ماكتب عنه شيئا لايعلمه الناس، وقد لايكون الوقت مناسباً لأكتب عن رجل بحجمه وأنا أنتمي إلى فريق صحفي يقوده، هذا ما كنت أحدث نفسي به دائماً حين أشهد حدثاً أو درساً أو توجيهاً احتفي بنتائجه مع أبي بشار، ذلك أن أي طرح يسوقه من هو في موقعي قد لايراه من هم خارج دائرة العمل الذي يجمعنا أكثر من تملق موظف إلى رئيسه، لكني بعد مايقارب العقد من الزمان تحت فيض الكثير من المواقف والتجارب أجد نفسي قادراً أن أقولها اليوم دون حرج .. فهو يعلم من أكون وأنا أعلم من هو...
الصحافة الاقتصادية تمثل أقسى درجات الحساسية في جسد الإعلام، ذلك أن ميل الصحفي الرياضي نحو لاعب أو نادٍ قد لا تتجاوز آثارها مدرجات ملعب أو ساحة نقاش حاد في مجلس ترفيه أو برنامج في قناة ومثلها الفن والأدب، لكن الصحافة الاقتصادية قد تكون بوابة لبناء اقتصاد تعتلج في داخله أوجاع الناس وآمالهم وآلامهم كما قد تكون بوابة هدمه، وفي مدرسة خالد المالك تعلمت أن حقوق الناس ومعاشهم وقضاياهم هم الصحفي وشغله، فحين لجأ مجموعة من الشباب السعوديين إلى صحيفة الجزيرة بعد أن أوصدت في وجوههم الأبواب متظلمين من شركة كبرى قال أبو بشار بعد أن استمع إلى قصتهم: أحضروا ما يثبت وقوع الظلم عليكم ولن تتخلى عنكم الجزيرة تحت أي ظرف، فكان ماقال حتى عاد الشباب إلى عملهم، بالمقابل وأمام هذه المواقف فهو لا يجترح المبالغات الزائفة أو الانتصارات الوهمية فالسبق الصحفي في مدرسة أبي بشار دون توثيق أو إدراك لعواقب آثاره على المتضررين مقبرة الصحيفة والصحفي.
سعدت كثيراً حين كرمت جائزة البحر المتوسط العالمية للصحافة والإبداع الأستاذ خالد المالك، المهني الذي أعرفه وتعلمت تلميذاً في صفوف جامعته صحيفة الجزيرة، فالجائزة عريقة رفيعة الشأن بحجم من حصلوا عليها في تاريخها، وهذا التكريم ليس تكريماً لشخصه فقط بل تكريم لتجربة صحفية سعودية وعربية عملت وأنجزت حضورها وتاريخها دون ضوضاء، لكني على يقين أن آلاف الجوائز التي حظي بها أبو بشار توجته إياها قلوب تلاميذه الذين امتلكهم بمهنيته وخلقه وإنصاته وعدالة مواقفه وحسن التقدير وسعة الأفق وهذه ليست صفات الرئيس أو المدير بل القائد. الذي يصنع القادة وقد فعل!