عبدالحفيظ الشمري
خبر صحفي مدعم بالصور؛ تم تناقله قبل أيام، يظهر فيه جامع تراثي قديم في أحد قرى بلادنا وقد تحول بإهمال إلى مستودع للأعلاف، والأدوات الزراعية!.. ليتفاعل هذا الأمر عبر عدة أسئلة واستفهامات! لتقترن فيها إجابات كثيرة؛ تتمحور حول خشيتنا على التراث، ورغبتنا في بقائه متألقاً أمام العين، وناصعاً في الوجدان والذاكرة.
ففي هذه الخطوة التي لا يمكن أن نقول عنها إنها مجرد حكاية عابرة، أو خبر قد يكون غير حقيقي، أو مختلق، فطالما أنه مدعم بالصور فلا بد أن نأخذ الأمر على محمل الجد، ففي هذه التجاذبات والنقاشات تحول الأمر إلى حالة مقلقة؛ تنقسم هنا إلى شقين مهمين، واحدة تشير إلى أنه دار عبادة ومن الأجدر أن يتم رعايته، والحفاظ عليه انطلاقا من مبادئ ديننا الحنيف ورسالته الخالدة نحو المساجد، والحالة الأخرى أن هذا الجامع الذي ظهر في تلك الصور ومن عدة زوايا أنه أثري وقديم، وهذا ألم حضاري ووجع ثقافي؛ حيث يتم العبث به وتجاهله رغم أنه من الآثار والقيم التراثية الجميلة في حياتنا.
فتحول هذا المسجد التراثي إلى مستودع تصرف غير سليم؛ يشترك في تنفيذها من هم حول هذا المسجد القديم؛ لا سيما منهم في هذه المزارع، أي أن المطالبة بحماية القرى والمزارع وما فيها من أهم الأولويات التي يتم تداولها والتأكيد عليها، وليس أدل من ذلك سوى هذا المسجد القديم وبناؤه التراثي القديم الذي تحول إلى مستودع وحسب.. حتى بتنا أمام أسئلة جوهرية.. هل نخشى على التراث؟ وهل نطمئن بأنه في أيادٍ أمينة تراعيه؟ وهل هناك من يهتم به؟
الأمر الذي يتبادر للذهن أن هذا البناء القديم للجامع لم يصنف حتى الآن باعتباره معلما تراثيا، بل ربما لم يكتشف بعد، مما يجعلنا في حيرة.. فأين الأجهزة المعنية بمسح التراث وتقييمه ومحاولة السعي إلى التعريف به؟ ومن ثم حمايته من العبث، والسعي إلى وضعه كمنجز حضاري للبيئة البسيطة في حياتنا.
فأمر إهمال هذا المسجد من حيث مظهره كمعلم تراثي يؤكد لنا أنه بالفعل لم يصنف بعد أو يوثق حتى الآن من قبل الأجهزة المعنية بكل ما هو تراث حيوي ومهم في حياتنا، وقد نقطع الشك باليقين أن لا تعاون يذكر بين الجهات المعنية في مجال حصر التراث العمراني، والأماكن التاريخية، والمزارع القديمة، والبيوت والقلاع والحصون الأثرية..
فالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني معنية بمثل هذه الحالة التي تطرق إليها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتم تدعيمها بالصور والمعلومات؛ مما يؤكد أن الهيئة بحاجة إلى أن تعقد شراكة حقيقية مع هذه الوسائل للمساعدة من أجل الوصول إلى مثل هذه الآثار التي تتهددها الكثير من وسائل العبث.. فالهيئة أصدرت قبل أشهر توجيها معنويا لكافة وسائل الإعلام تطلب منها أن تستسقي المعلومات فقط من المركز الإعلامي للهيئة؟! إلا أنه في اليقين أن مثل هذه المشاهد ستهم الهيئة، لأن المجال الإعلامي أي كان نوعه له دور بارز في كشف الكثير من الصور والممارسات التي قد لا تخدم مسيرة العطاء التراثي والآثاري في بلادنا، فيجدر بنا معا التعاون والإسهام في خدمته ورعايته.