عبدالحفيظ الشمري
الجمعة القادم «20 نوفمبر» يوافق اليوم العالمي للطفل، إذ نستعيد معاً في هذا اليوم ما قطعناه على أنفسنا من وعود سابقة نحوهم، بل يفترض بالمؤسسات المعنية بهذه المناسبة وأهلها أن يحققوا نسباً متميزة من النجاح في مجال رعاية الطفولة. فاليونيسيف وهي أهم المؤسسات في منظمة الأمم المتحدة حينما أقرّت هذا اليوم «20 نوفمبر» من كل عام جعلته واضح المعالم، وبعنوان يتردد كثيراً، ويتمحور حول (حقوق الطفل) إلا أن هناك من يحوله - للأسف - إلى مجرد احتفالية، وحضور ورسم ومسرحيات أعدت على عجل؛ في حين أن حقوق الطفل يجب أن يتم تمحيصها والتعرّف على الكثير من الضرورات المتعلّقة بها، وتقييم ما تم إنجازه نحو الطفولة.. ومعرفة ما قدمناه، وهل نسير في اتجاه صحيح نحو رعاية الأطفال وخدمتهم؟ فحماية الطفل مطلب إنساني وحضاري مهم؛ يتطلب منا سن قوانين جديدة غير ما صدر منذ تأسيس منظمة الطفولة والأمومة اليونيسيف عام 1958م، وما أُعد للطفل لاحقاً في عام 1989م من إستراتيجيات وتوصيات إلى يومنا هذا.. مع مراجعتها وتقييمها والعمل على تفعيل منطلقاتها ومنهجها لتسهم في رعاية الطفل الذي لا يزال يواجه الكثير من التحديات القديمة والمعاصرة. فالقوانين المتعلّقة بحقوق الطفل يبدو أنها لا تزال قائمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أواخر عام 1945م، وكانت آثار تلك الحروب المدمرة سبباً في قيام هذه المنظمة التي أريد لها أن ترعى الأطفال الذين تأثروا بالحرب وفقدوا ذويهم، إذ من المهم هذه الأيام أن تعدل وتتسع دائرة الاهتمام فيه، لأن هناك مزيداً من الحروب التي لا تزال الكثير من المجتمعات تشهدها، أضف إلى ذلك تفشي الكثير من الممارسات المؤذية كالمتاجرة بالبشر لا سيما الأطفال وتشغيلهم، والعنف الأسري الذي تزداد وتيرته، ليسجل معدلات جديدة بحسب رأي الباحثين في مجال الطفولة. أمر آخر يتعلّق بحماية الطفل والتنويه عنه في هذه المناسبة هو غزو التقنيات ووسائل التواصل الحديثة، وقنوات الإعلام الاجتماعي بمختلف أشكاله، وما إلى ذلك من تحول نوعي مذهل يستهدف المجتمع والأسرة والطفل، في وقت لم يحصن بعد هؤلاء الأطفال من سلبيات هذه الهجمة التقنية والمعلوماتية الخطيرة.. ولا ننسى في هذا السياق أهمية مساعدة الأطفال على تجاوز الإخفاقات الأسرية على نحو تزايد ظاهرة الطلاق التي تتسبب في غياب الكثير من الحقوق للطفل، بل لأن حمايته بعد تفكك الأسرة تحتاج إلى جهد مضاعف وها ما يلمسه الكثير من أساتذة المدارس حينما ينخفض مستوى الطلاب، ليجدوا أن المشاكل الأسرية وانفصال الوالدين يكون سبباً في تعاسة الطفل وتكاسله وغيابه، مما يؤسس لنشوء شخص مهزوم وإنسان مشتت الذهن وغير قادر على التفاعل مع الحياة من حوله. وعن الطفل وواقعه ومستقبله يجب أن تكون هذه المناسبة - اليوم العالمي لحقوق الطفل - انطلاقة جوهرية، وتحول نوعي في هذا المجال، وأن نقر بأخطار تحدق بالتجربة التنموية في مجال الطفولة والمجتمع، فيجب أن لا نركن إلى مجرد الوعود، أو نكتفي بالندوات، وتقديم الورش والمعارض والصور والقصص الملونة، بل يجدر بنا السعي إلى تقديم رؤية حضارية تراعي حياة الطفل، وتقدّم له أولويات الحياة وضروراتها؛ على نحو الماء والغذاء والدواء والتعليم.