فيصل خالد الخديدي
تحرص الجامعات والأكاديميات التخصصية عادة على تقديم الأنموذج المثالي في المجال الذي ترعاه وتشرف عليه، وقليلاً ما يتحقق ذلك، وكثيراً ما توجه سهام التقصير في هذا الدور إلى الجامعات المحلية بمختلف تخصصاتها بانفصالها عن سوق العمل، والانكفاء والعيش في الأكاديميات والكليات كأبراج عاجية منقطعة عن الواقع المعاش وعن الساحة المعنية بهذه المجالات التي ترعاها؛ وهو ما جعل تأثيرها وأثرها أقل فاعلية. ولكن الأمر اختلف في جامعة الأميرة نورة، وخصوصاً في المجال الفني، ابتداء من تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية؛ فأُنشئت كلية مستقلة باسم التصاميم والفنون بأقسام تخصصية في (التصوير التشكيلي والطباعة، تصميم الأزياء, الجرافيك والوسائط الرقمية, التصميم الداخلي والابتكارات وتصميم المنتجات)، واستقطبت الخبرات المحلية الأكاديمية والفنية عالية المستوى العلمي والفني، وتم تأهيلهن ليشكّلن عضوات هيئة تدريس مؤسسات في هذه الكلية الفتية، ووضعت مناهجها ومقرراتها بعناية. وكنتيجة طبيعية لهذا العمل المنهجي بواقعية، والعلمي بأفق متسع، جاء معرض (اتجاهات) الذي ضم مشاريع تخرُّج أربعة أقسام في كلية التصاميم والفنون، هدفت الكلية من خلاله لتأكيد تحقيق أهداف وخطط الجامعة الاستراتيجية في دعم الطالبات الخريجات للانخراط في سوق العمل، ودعم الفتاة السعودية؛ فخرج المعرض نموذجاً مشرقاً للفتاة السعودية، سواء قائدة وأكاديمية في الجامعة أو طالبة مبدعة، جمعت خلاصة إبداع العمل المنهجي والعلمي من أستاذات حرصن على تطوير أدواتهن، ومواكبة الواقع برؤية عالمية غير منفصلة عن جذور الثقافة المحلية؛ فقامت أقسام المعارض على مشاريع، وتقدم كل طالبة في مشروعها الخاص رؤيتها وفق ما تعلمته وما صقلت به موهبتها وتقدمه بشيء من الاحترافية والتسويق له بشكل جاذب من خلال الوسائط المتعددة إلكترونياً؛ إذ شهد المعرض نقلاً لصور معروضاته وفعاليته المصاحبة، وتفاعلاً كبيراً بالوسائط المتنوعة التي تخدم الشباب، وتسوق لهم ولمنجزهم. وقد أشارت المدير التنفيذي للمعرض عضو هيئة التدريس بالكلية د. فوزية المطيري إلى «أهمية إتاحة الفرصة للطالبات الخريجات، وفرصة لقائهن بالمستثمرين للتعرف على منجزاتهن، وإمكانية فتح آفاق للتعاون المثمر لإيجاد فرص حقيقية للخريجات بالسوق السعودي؛ لنقدم للمجتمع خريجة معتمدة على نفسها فنياً ومهنياً، وجاهزة لسوق العمل بأقصى درجة ممكنة, مع الاهمام بإبراز شخصية الطالبة الواثقة بذاتها والمعتزة بدينها وتراثها». والجميل في المعرض الاعتماد على إبداعات الطالبات بشكل كلي حتى في تصميم الكتيب والمعرض وصولاً إلى معروضات لامست حاجة سوق العمل، مثل إعادة تصاميم شعارات كثير من الشركات المحلية، وإعادة تصميم للمساجد والمباني وفق فنون العمارة الإسلامية والعمارة الخضراء، وصولاً إلى الأزياء والفن الرقمي، والأعمال التشكيلية والفكرية التي تؤسس لجيل تشكيلي قادم واعٍ بما يقدم، ومتكئ على بُعد ثقافي وأساس علمي.
ستون مشروعاً إبداعياً شكلت معرض اتجاهات؛ فكان واجهة مشرقة للفتاة السعودية وللأكاديميات السعوديات وللفن التشكيلي النسائي القادم بوعي ومنهجية, وقطفة أولى لثمار سنوات من العمل بصدق وحب ووعي في هذه الكلية الرمز.