فيصل خالد الخديدي
غزارة الإنتاج وجودة المنجز الفني وتنوعه عادة ما تشي بتمكن الفنان تقنياً واستقراره نفسياً ووضوح رؤيته الفنية، ومتى ما زاد تصالح الفنان مع ذاته وفنه وواقعه متى ما زاد ولعه بالفن وعاشه أسلوب حياة، بل وتصبح الممارسة الفنية جزءاً من تفاصيل حياته اليومية يتقاسم معها وقته وقوت يومه وجل اهتمامه حتى وإن كان بمردود أقل وظهور إعلامي نادر، هو كذلك وأكثر الفنان سعيد سعيد الشهراني الذي تجاوز بفنه واقعه والألم وقفز بألوانه أسوار المهمشين ليكتب نصاً من لون في متن الإبداع فصافحت ألوانه الوجوه بإتقان ورسم تفاصيل البورتيرهات الشخصية بروح مبدع ولون متفائل ينبض بمسحة فرح على كثير من الصور الشخصية لكثير من الشخصيات العامة والأسرة الحاكمة.
إن المتأمل في أعمال الفنان سعيد سعيد يجد حضور كثير من الفطرية والتلقائية في بناء أعماله وترتيب عناصرها ولكنها تلقائية متقنة بتمكن تقني وعفوية بصدق إحساس، وحتى في انتقائيته لمواضيع أعماله فهي مواضيع من الحياة اليومية البسيطة لا تكلف فيها ومن الموجودات حوله ومشاهداته اليومية صاغها وفق زاوية رؤيته الجمالية وحتى البورتيرهات التي تميز في إتقانها تأتي بسلاسة ودن تكلف وبإتقان مبهر وسرعة في الإنجاز، أما اللون في أعمال سعيد فحضوره مؤكد بدرجات صريحة تتباين في معظم حالاتها متكئة على خلفية الفنان ومشاهداته ومعايشته لألوان الزخارف الجنوبية التي اشتهرت بنقائها وتباينها, وهي عادة ما تكون ألوان صريحة تنبض بالحياة فزخرفية اللون عند سعيد كانت الأبرز في ألوان أعماله حتى في المواضيع التي نفذت بعيداً عن الزخرفة كشكل مع بقاء عفوية الزخارف وإحساس لونها وبأساليب تنوعت بين السريالية في معظمها والواقعية وحتى التجريدية منها جميعها تميز اللون فيها بإيقاع لوني مبهج وكأنما هو عزف باللون على ألحان الأمل رغماً عن الألم.
للفنان سعيد العديد من المشاركات في المعارض الجماعية والثنائية والمعارض الشخصية التي تجاوزت سبعة معارض بمدينته خميس مشيط، ونشاطه في مواقع التواصل الاجتماعي بعرض منجزه الفني إلا أن انتشار أعماله لا يزال محدود وحضوره الإعلامي لا يزال محصور وأقل بكثير مما يستحق فهو فنان يعيش لذة الفن وللفن ولا يبحث عن الظهور والضوء واستجداء المشاركات أو الإعلام والأقلام لأنه فنان يحترم ذاته ويحترم فنه ويرى أن العمل هو من يقدم الفنان ويسرد إبداعه من خلال ألوانه وأعماله، إن تمكن الفنان وثقته من نفسه وفنه تجعله يتخطى بأقدامه الوجع ولو طالها شيء منه وينأى بمنجزه عن الإسفاف والتسلق المزيف، فالفن رسالة جمال ومتعة روح تتسامى عند سعيد عن كلما دونها ومن أهداف وقتية ونفعية وتقدم منجزه الفطري البسيط بعفوية وحب ورضاء تام لا يتطلع إلا للفن والإنجاز بمتعة ذاتية وإرضاء للطموح حتى في أحلك الظروف وأصعبها.