د.خالد بن صالح المنيف
يُروى أن فلاحاً اشترى حصاناً وربطه بساقية, وبدأ الحصان يدور ويدور, حتى لاحت فرصة له بالهرب بعد شهر, ولكنه لم يبرح مكانه! واستمر في الدوران فتم ربطه من جديد, وبعد شهور توفي صاحب المزرعة فحزن عليه أولاده فأرادوا أن يتخلصوا من كل شيء يذكرهم بوالدهم وأولها كان الحصان! فحلوا حبله لكي ينطلق, وكانت المفاجأة أنه بقي يدور! وبعد سنة جفت البئر وأصبحت معطلة؛ فهجر أصحاب المزرعة مزرعتهم ولم ينسوا قطع حبل الحصان لكي يغادر، ولكنه بقي يدور!
وبعض البشر مثل هذا الحصان في تقديسه للمعتاد, وعدم تطلعه لأي تجديد في حياته! وأحسب أن أكبر إشكالية عانى منها الحصان دون أن يدري هي أن كفاءته قلت وقوته ضعفت في آخر الأيام دون أن يدرك هذا الضعف! لكون المكان امتلأ بالروث تدريجياً مما أضعفه دون أن يحس!
ومن البشر يوافق هذا الحصان في هذا العيب!
فبعض الأزواج يعتقد أنه أفضل زوج وأنه الشريك الكامل وأن أداءه لا مثيل له وهو في الحقيقة منظومة من التقصير!
وهناك بعض الموظفين مع مرور السنين بات خيال موظف, لا عطاء ولا إنتاجية ولكنه لا يشعر بهذا التحول لكونه أتى تدريجياً!
لذا لا بد أن ننتبه للتغير والتجديد والتطوير فالأعمار محدودة والأيام تمضي!
شبّه أحد الكتّاب الإنسان في هذه الدنيا برغيف الخبز, ووجه الشبه أن الرغيف لا يلبث أن ينضج في الفرن في ثوان معدودة! وكذلك البشر؛ فأعمارهم تتقدم دون أن يشعروا وتمضي بها السنون وهم ذاهلون!
ولهذا لا بد أن نعمل على نحو مستمر على تجويد حياتنا وتحسينها والسعي نحو تهذيب الطباع وترتيب الأولويات والتخلي عن العادات السيئة.
ومن الحكم المتداولة عبر كل العصور (أن التجربة خير معلم) وهي حكمة قيلت على لسان الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر, وأرى أن تلك الحكمة تحتاج لمراجعة.. فهل يجب أن نجرب كل شيء حتى نتعلم! وهل تتسع لهذا أعمارنا؟
والأمر الآخر أن التجارب تستعصي على تعليم بعض البشر الذين لا يريدون أن يتعلموا! والتجربة معلم قاسٍ فأنت تختبر ثم تتعلم الدرس عكس ما هو مألوف في كون الاختبار يسبقه الدرس! إذن كيف السبيل لتحسين حياتنا؟
أرى أن ممارسة التأمل بين حين وآخر ومراجعة النفس وكل من فعل هذا خرج بنتائج مذهلة وتحسنت حياته, وكان سيد البشر يفعل هذا؛ فقد عاف فكره هذا الانحطاط الروحي في المجتمع المكي فلم يقبله بل انقطع متأملاً في الكون في الغار حتى أعلن من هناك الحياة الجديدة للبشرية.
بشرى من الغيب ألقت في فم الغار,
وحيا وأفضت إلى الدنيا بأسرار
بشرى النبوّة طافت كالشذى سحرا,
وأعلنت في الربى ميلاد أنوار
أياً كان حالك وانشغالك وعظم مهامك، وأياً كان عمرك وجنسك وجنسيتك، وأياً كانت وظيفتك ووضعك الاجتماعي جرب أن توقف قليلاً وتأمل في حالك, فربما كنت في الاتجاه الخاطئ وعندها غيّر مسارك, ولو كنت في الاتجاه السليم فتعلم كيف تضاعف من سرعتك وتحسِّن من سرعتك, عند ستيفن كوفي العادة السابعة من عادات الناجحين هي شحذ المنشار ومدارها أن يعمل الإنسان على تجديد مهاراته وتقوية قدراته! تأن قليلاً وتشحذ منشارك ليعمل بكفاءة أكثر! وتذكر أن الوقت والجهد الذي نستغرقه في استدراك أخطائنا وتصحيح عيوبنا أقل بكثير من ذلك الذي نصرفه لتبرير أسباب الفشل.
لن تتقدم ما لم تجتهد ولن تفوز ما لم تبذل جهدا
لا تعتذر بالوقت ولا بأشغالك فحياتك جديرة بالتحسين ونفسك جديرة بالحياة الجميلة!
خطوات عملية:
1 - ضع لك موعداً لا تخلفه أسبوعيا وسمّه (الاستراحة المنعشة) مثلاً أو (الموعد الجميل) أو ما شئت.
2 - حدد مجالاً أو عادة لك, مثلاً: (طريقة صلاتك - علاقتك بأسرتك - تعاملك مع أصدقائك - سلوكك الغذائي).
3 - اسأل نفسك السؤال الذهبي: كيف أكون أفضل؟
4 - تأمل بحياد من موقع المراقب, اقرأ, اسأل أصحاب الخبرة.
5 - اكتب الإجابات على ورقة.
6 - ضع لك خطة وركّز على مجال واحد, ثم ضع ثقلك كله عليه, غالباً لن تحتاج لأكثر من 20 يوماً حتى يكون طبعاً لك.
ومضة قلم
إذا كنت تعتقد أن النجاح مستحيل, فطالع سير الناجحين وبعدها جزمًا ستغير رأيك.