فهد بن جليد
هل انهار (سور وحصن) الخصوصية الشخصية، أمام تولّع الناس ببرامج التواصل السريعة والتفاعلية مثل (سناب شات، وانستقرام) أكثر من أي وقت مضى؟!.
التصوير أصبح من آداب الطعام التي تسبق (التسّمية)، لم تعد هذه مزحة، بل حقيقة ملموسة نشاهدها في المطاعم والمناسبات بكثرة، الفلاشات تسبق الأكل دوماً، وربما أن بعض الأطباق تُطلب لشكلها لا لطعمها، بل إنني شاهدت - ذات مرّة - شخصاً يستأذن من آخر لا يعرفه في الطاولة المجاورة، لأجل استعارة طبق (سلطة) لغرض التصوير ثم إعادته، وهو يبتسم ابتسامة صفراء!!.
بل إن هناك من الضيوف (المودرن) من تعتقد بأنه أُصيب بمسٍّ، أو لمِسَ بقدمه (سلك كهرباء) مكشوف في (غرفة المعيشة)، لأنه بدأ في التكهرب والانتفاض متجاوزاً العادات والتقاليد المُلزمة لحضور مناسبات من هذا النوع وانخرط في تصوير (سنابه) للمدام، وأخرى للأصدقاء، و يردفها بعبارات الشكر والثناء على حجم الكُلفة التي قُدمت محبة وتقديراً له.. يبدو أننا على أعتاب (هياطٍ) من نوع جديد!.
بعض المشاهير تحولوا إلى ما يشبه (مفتشي بلدية) في المطاعم التي يزورونها، تجدهم يصورون المداخل والأرضيات، تراخيص المحل، (المواعين) والأطباق، ويصنِّفون مستوى الطعام والخدمة، نحن جميعاً (رجالاً ونساءً شباباً وشيباً) بتنا مفتونين بتصوير كل ما نلتهمه، وتوثيق كمية الطعام ونوعه، بل إنك ستُصدم من ميزانية (الأكل والشرب) عند بعض من يدّعون الحاجة والعَوز، عندما تُتابع المطاعم التي يزورنها ويتناول فيها وجباتهم طوال الشهر ؟!.
صديق يشتكي دوماً من أنه لا يستطيع تناول أي طعام فيه (حرارة أو بهارات) بسبب القولون ومشاكل المعدة، بينما جميع سناباته يلتهم فيها (أطّعمه سبايسي)، ونسي أن الجميع يشاهده بصمت!.
آخر يشارك زملاءه الإفطار كل صباح دون أن يدفع معهم (القطّة)، وعندما يأتي اليوم الذي يكون عليه الإفطار يقول لهم (إنني صائم)، ناسياً أنه صوّر إفطاره صباحاً عند محل الكبدة، مع عبارة (يا صباح البرّد .. يم يم)!
لا بد أن نتفق على (آداب جديدة) لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، حتى لا نكذب على بعضنا، ولا على أنفسنا، بكثرة الفضائح!.
وعلى دروب الخير نلتقي.