سلمان بن محمد العُمري
المملكة العربية السعودية لن تتخلّى عن تنفيذ حكم القتل، باعتباره حداً شرعياً «حكم من الله نزل في كتابه الكريم وفي نصوصه الشرعية».. هذا ما أكّده فضيلة رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض الشيخ عبدالعزيز الحميد خلال المداخلات في مؤتمر «أثر تطبيق الشريعة في تحقيق الأمن» الذي انعقد الأسبوع الماضي في الأحساء. وبيّن فضيلته: «أنّ هناك قواعد عامة متفق عليها بين الأمم، لتحقق الأمن وحفظ النفس والمال والعرض والعقل والدّين، ونتّفق مع الدّول التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية في باب التعزير، فالمعتدي والجاني لديهم ولدينا، ولكن نختلف عنهم أنّ من أسباب حفظ النفس هو قتل القاتل المتعمّد، في قوله: (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب). فصدر عنهم قوانين وضعية لمنع القتل مهما كانت الأسباب. ولكننا مسلمون نؤمن بالله وكتابه، ولا يمكن أن نتفق معهم في منع القاتل الذي أقدم على قتل نفس معصومة».
نعم فضيلة الشيخ إنها شريعتنا الإسلامية النظام المتكامل لبني البشر التي تدخل فـي كل جزئيات الحياة، لتضع الحلول الشافية الوافية الكافية لها، مهما تنوعت وتعددت تلك الجزئيات بإشكالياتها وحالاتها.
ومن المعروف أن الجريمة حقيقة واقعة في كل زمان ومكان، ولا يخلو منها مجتمع، وتتنوع الجريمة حسب ثقافة المجتمع وتطوره، وحالته الاجتماعية، والاقتصادية، وغير ذلك من الظروف، وقد وضع الإسلام حلولاً رادعة لكل أنواع الجرائم، وفق نظام شرعة رب العالمين -جل جلاله- بحيث يزول الظلم عن المظلوم، وينال الظالم عقابه الرادع، رغم علمنا أن العدالة المطلقة النهائية تتمثل فـي يوم الحساب، يوم الحق، ذلك اليوم الذي ينال كل إنسان جزاءه الأوفى، وتوفى كل نفس ما عملت، فإن كان خيراً رأته، وإن كان شراً عوقبت به.
إن في عملية تنفيذ القصاص من المجرمين تطبيقاً لشرع الله في أرض الله، ولا يجوز التهاون في ذلك في أي مجتمع إسلامي، أو يحاول تطبيق النظام الإسلامي العادل، والمملكة -وبعون الله وفضله- كانت من الأمثلة الفريدة الرائعة فـي هذا المجال التي حاولت على الدوام أن تقيم شرع الله على الوجه الأمثل، وفي كل المجالات، ومنها بالتأكيد مجال الجريمة.
وقد كان تطبيق القصاص وتنفيذه جزءاً أساساً من البنيان الاجتماعي لدينا، لأنه في الحقيقة جزء لا يتجزأ من البنيان الإسلامي، والحالة الإسلامية التي نريد أن نكون عليها.
وبعيداً عن أخطاء الأنظمة البشرية المبتدعة، القابلة لحدوث أخطاء كارثية، والمتبدلة حسب أهواء البشر ورغباتهم، والمتغيرة في كل زمان ومكان، فإن القصاص أمر ثابت، وعقاب صحيح سليم، لا يندم الإنسان على تطبيقه، لأننا نعرف أننا نطبق عقاباً أقره رب العالمين، كحل لبعض إشكاليات الحياة، والقصاص ليس فيه قسوة، وليس ظلماً أن يحكم على قاتل عمداً بالقتل، وإنما هو الذي ظلم نفسه، واعتدى على غيره بإزهاق روحه، ولو لم يقتل لما اقتص منه، فمن كَفَّ كُفَّ عنه.
إن القصاص كان -ولا يزال- يمثل دوراً بالغ الحساسية والأهمية في استتباب الأمن، وبالتالي الحد من انتشار الجريمة في بلادنا الغالية، ولكن النقطة الأهم التي أود ذكرها هي عملية التربية الصالحة، وتربية الجيل على المثل الإسلامية، وهذا بحد ذاته رادع مهم لعمليات الجرائم، والبداية تكون على مستوى الفرد والأسرة، ومن ثم تلقائياً تشمل المجتمع بكافة مؤسساته، والوقاية خير من العلاج وأيسر.