جاسر عبدالعزيز الجاسر
يقول كثيرون عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه صريح ومباشر في أحاديثه سواء في المباحثات التي يجريها مع نظرائه قادة الدول الأخرى، وحتى عندما يتحدث في المؤتمرات الصحفية التي يعقدها، وفي التصريحات التي يدلي بها التي زادت في الآونة الأخيرة.
المتخصصون في قراءة الجسد الذين بدؤوا يهتمون بتحليل تصرفات وحركات قادة الدول يجزمون بأن الرئيس بوتين لا يستطيع أن يخفي قناعاته رغم وجهه الشمعي الذي يصعب تحليل تعبيراته، إلا أنه صادق لما يعتقد بأنه هو الأصوب رغم ما يراه الآخرون والذين يختلفون معه. ربما لأن بوتين ونتيجة مسيرته العسكرية والاستخبارية الصارمة وبداياته الحزبية ربته على الالتزام وعدم الخروج عما يؤمن به.
على ضوء هذه الخلفيات التي تركزت على بحث وتقصي تصرفات الرئيس بوتين وردود أفعاله يرون أنه واضح وإلى حدٍ بعيد، وهو ما تأكد في تعامله مع حادثة إسقاط طائرة الساخوي الروسية من قبل الطيران التركي.
وما وصل إليه المحللون والباحثون في المراكز الاستراتيجية والسياسية من تحليل شخصية الرئيس الروسي وما ظهر عليه في تعامله مع قضية إسقاط الطائرة الروسية استعادوه عند سماعهم تصريحاته في المؤتمر الصحفي السنوي الأخير، وبالتحديد دعوته لنظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى قبول القرار الذي سيصدره مجلس الأمن الدولي بعد الاجتماعات التي بدأت منذ أمس، والذي سيعقبه إصدار قرار بعد الاجتماع الوزاري للمجموعة الدولية لدعم سوريا الذي ينتظر أن يكون متوافقاً عليه من قبل موسكو وواشنطن معاً، وموافقاً عليه من الدول الإقليمية وباقي دول مجلس الأمن الدولي.. وأن هذا القرار يتضمن حلاً سياسياً (لا يعجب) نظام بشار الأسد.
بعد هذا القول أخذ الباحثون في مراكز الدراسات والمحللون ينقبون عن الذي لا يعجب نظام بشار الأسد في الحل السياسي المنتظر، طبعاً أول ما يتبادر للذهن هو وضع بشار الأسد نفسه، فهل يقصد الرئيس بوتين أن الحل السياسي يتضمن معالجة مصير بشار الأسد؟
في جميع التحليلات وكل الآراء ورغم إصرار وزير الخارجية الروسي لافروف على أن مصير بشار الأسد يقرره السوريون، وهم في نظره السوريون الموالون لبشار الأسد وليس معارضيه، فإن جميع المحللين وجدوا في قول الرئيس بوتين وحثه لبشار نفسه على القبول بتسوية لا تعجبه، إشارة إلى أن على بشار الأسد أن يهيئ نفسه لمغادرة السلطة، والقبول بـ(تنازل مؤلم) حتى تتم تسوية سياسية للأزمة السورية، ومغادرته للسلطة تبدأ مع القبول بمرحلة انتقالية يكون عنوانها مشاركة فعلية لقوى المعارضة السورية الحقيقية وليس المصنعة في دمشق وموسكو، وأن هذه المرحلة ستمهد لإجراء انتخابات حقيقية تنتهي بانتخاب شخصية سورية وطنية مقبولة من قبل السوريين جميعاً؛ المعارضة الوطنية والموالين لبشار الأسد، لتلك النتيجة التي يتوقعها المحللون كنهاية لما بدأ العمل من أجله في نيويورك، وهي فترة إن طالت أو قصرت فالنهاية عنوانها مغادرة بشار الأسد السلطة وسوريا معاً.