د. أحمد الفراج
لا يراودني شك بأن وزير التعليم الجديد يقرأ كل ما يكتب، وما يكتب في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي عن هذا القطاع يدل دلالة بالغة على أهميته، وعلى أنه يمس حياة الجميع، ولست بصدد تذكير الوزير بأن أي خطط تنموية لا يكون عمادها التعليم المتميز لن يكتب لها النجاح، كما لا نشك لحظة بأن الوزير، والذي تجشم عناء وضع يده على الجرح، من خلال تأليف كتابين رصينين عن التعليم، لن يستغني عن أي رأي، أيا كان مصدره، ومهما حاول البعض جر معركة إصلاح التعليم إلى الزاوية الأيدولوجية، وصراع التيارات، فإننا متفائلون بأنهم لن ينجحوا في هذا المسعى، وذلك لبلوغ كثير من شرائح المجتمع إلى مرحلة متقدمة من الوعي، ستكون بكل تأكيد عونا للوزير في مهمته الجسيمة، وعلى الجميع أن يدرك أن نتائج اصلاح التعليم لن تنضج ثمرتها المنتظرة خلال عام أو عامين ، ولا حتى عشرة أعوام، فالغرس سيبدأ من السنة الأولى، في المرحلة الإبتدائية، ما يعني أننا سننتظر ستة عشر عاما، أو أكثر، وهي فترة تستحق الانتظار، طالما أننا سنبدأ في الطريق الصحيح.
يعاني التعليم، علاوة على الصراعات الأيدولوجية، التي أعاقت مسيرته لسنوات طويلة، من ضعف المناهج، ومن آلية تعيين المعلمين، وترقياتهم، ومكافآتهم، ومن نقص في البنى التحتية، وهي ما يحتاج إلى جهد جبار، لن يستطيع الوزير من القيام به بمفرده، وأما التعليم العالي، فقد جعل البحث العلمي، والذي يعتبر عماد هذه المرحلة، في آخر سلم الأولويات، مع التركيز على شكليات، تجعل الفارق ضئيلا، بين المرحلة الجامعية، وما قبلها، ولو دققنا في آليات ترقية أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، على سبيل المثال، لاتضح لنا أن البيوقراطية الإدارية، والكم العددي للبحوث، هما من يحدد الترقية، أما نوعية البحوث، وأهميتها العلمية، فلا قيمة لها، إذ من الممكن أن يترقى أستاذ جامعي إلى رتبة أستاذ، نتيجة إنجاز ستة بحوث لا تضيف جديدا، وربما بمساعدة صديق، وفي ذات الوقت، لا تسمح الأنظمة الإدارية بترقية أستاذ جامعي، حتى ولو أنجز بحثا علميا هاما، وحتى لو فاز بجائزة عالمية، وبراءة اختراع، إذ يتوجب عليه أن ينتظر حتى يكمل المدة النظامية للترقية !!، وعلى هذه الأمثلة يمكن القياس.
كثيرا ما أتعجب، عندما أساعد أبنائي في دروسهم، إذ يتيح لي ذلك الاطلاع على محتوى المناهج، وأقول، بكل أمانة، أنني لم أصدق أن مناهجنا التعليمية للأطفال تحتوي على رسوم توضيحية لموقع قطع اليد، والرجل، حتى رأيت ذلك بنفسي، ناهيك عن تدريس مقدار الزكاة للإبل والغنم، والتي يفترض أن يعرفها طالب العلم الشرعي بلا شك، ولكن ما الفائدة المرجوة من تدريس مثل ذلك للأطفال ؟!، وهنا أتحدث عن نتف يسيرة من هنا وهناك، عن الهنات الكثيرة، التي يعاني منها نظامنا التعليمي، والخلاصة هي أننا يجب أن نكون عونا لوزارة التعليم ولوزيرها، وألا نستعجل النتائج، فالمهمة ثقيلة وجسيمة، وتتطلب جهدا مضاعفا من الجميع، وأهم من كل ذلك، إبعاد الصراع الأيدولوجي عن هذا القطاع الهام، فهذا الصراع هو الذي ساهم في كل المآسي التي نمر بها، ولكننا متفائلون على أي حال.