فيصل خالد الخديدي
يحرص كثيرٌ من التشكيليين في معارضهم الشخصية على سرد سيرهم الذاتية وفكرة المعرض أو بيانه في الكتيب المصاحب للمعرض، وهذا حق مشروع بل إنه من أولويات احترام المتذوق وتقديم الفنان لذاته ومنجزه بشكل لائق وعلمي, ولكن وصل الأمر ببعضهم في المبالغة في سرد سيرته الذاتية في صفحات وصفحات، وكأنما هو متقدم بسيرته هذه لطلب وظيفة.. أو ليكمل شيئاً ينقصه في أعمال معرضه بهذه السيرة المبالغ فيها, فالسيرة الذاتية في كتيب المعرض تختلف عن كتب السيرة الذاتية التي تصف مراحل الفنان وسيرته وتفاصيله الحياتية, بل إن البعض أصبح يقدم نفسه بمعلومات مغلوطة في سيرته ومعلوماته الشخصية بمبالغة وإضافة تفتقد لكثير من المصداقية, فتطالعنا الكثير من الكتيبات للمعارض بألقاب وأسماء يصرفها الفنان لذاته بغير وعي ولا مصداقية, بل نرى العديد من الجوائز والمعارض والمنجزات الوهمية التي تكتب في السير الذاتية ولا وجود لها في أرض الواقع أو مستذكراً أشياء غير ذات أهمية كحصوله في مجاله الوظيفي على الفصل المميز في التربية الفنية.
تُشكّل السيرة الذاتية للفنان التشكيلي في كتيب معرضه تعريفاً بمساره الفني، وتكون بشكل ملخص يبرز أهم محطات حياته الفنية بعد التعريف باسمه وآخر مؤهلاته العلمية إن وجدت وأبرز منجزاته من جوائز ومعارض شخصية مرتبة زمنياً بشكل مقتضب في حدود الصفحة الواحدة أو الصفحتين كحد أقصى، ويُفضل أن تكتب بضمير الغائب أو على شكل تعداد نقاط لتكون واقعية أكثر من كتابتها بصيغة الأنا وضمير المتكلم, وتختم السيرة الذاتية للفنان عادة بعناوين التواصل معه.
ومن الأمور التي يحرص عليها الفنان في تقديمها مع أعماله بالمعارض الشخصية والتجارب المتنوعة له وعادة ما تُضمَّن في كتيب المعرض (بيان المعرض) وهو كما ذكرت الدكتورة ندى الركف في إحدى محاضراتها المنشورة بمواقع التواصل الاجتماعي أن بيان الفنان هو الصلة بين الفنان وبين الجمهور للتحدث عن نفسه وعمله والعملية الفنية التي تم تنفيذها ليناقش فيها أفكاره ويعرّف الجمهور بفنه، وليس تحليلاً لأعماله بالإضافة للتطلعات المستقبلية له.. ويكون بيان الفنان عادة بصيغة المضارع، ويأتي في إجابة على أربعة تساؤلات:
ماذا تفعل؟... كيف تفعل هذا؟...لماذا تفعل هذا؟...ما الذي يؤثر عليك؟
وتكون الإجابة عليها بعبارات واضحة وغير مباشرة، ولا شارحة للفكرة التفصيلية للمعرض وخاماته، فيُحصر بذلك المتلقي في صيغة واحدة للتلقي, ولكن يستخدم الأفعال القوية واللغة البسيطة ذات العمق في المغزى والشمولية في المعنى وتصب في صلب الفكرة متكئاً على ثقافته العامة والفنية في كتابته لبيانه بصياغة راقية بشكل محدد وواضح في كلماته, غامض في طرحه.. ولا تُقدم للجمهور الشرح الكامل لعمله الفني.. ويُفضل أن لا يتجاوز البيان الصفحة الواحدة، ولا يقل عن المقطع الواحد.
ترنيمة أخيرة:
عناية الفنان بسيرته ومسمى معرضه وبيانه أمر بالغ الأهمية، ولكنه لا يخلق تجربة ولا يصنع فناناً ولو بالغَ في السرد وأطالً في البيان.