سعد بن عبدالقادر القويعي
منذ عقدين من الزمان، والسعودية تكتوي بنار الإرهاب؛ ما جعلها تتبني خططا سياسية، ومنهجية، واقتصادية، وتعليمية، وتخوض في البعد الآخر معركة تنويرية؛ لتصحيح المفاهيم، وبيان خطر الغلو، وبناء شخصية مجتمعية إسلامية متوازنة واعية؛ لتلغي مبررات وجوده.
بل لا أبالغ إن قلت: إن السعودية أصبحت من أولى الدول، التي وضعت أساسًا قانونيًّا للتعامل مع الإرهابيين من كل التوجهات الفكرية، والسياسية، وذلك بإصدارها تشريعات؛ لمحاربة التنظمات المتطرفة.
من باب تأكيد المؤكد، وإثبات المثبت، فقد صنف تقرير صادر عن معهد الاقتصاد، والسلام الأمريكي، بعنوان: «مؤشر السلام العالمي للعام 2015 م»، السعودية في المركز الثامن عالميا، من حيث تكلفة مواجهة العنف، والإرهاب، التي قدرها بـ 165 مليار دولار « 619 مليار ريال». ولفت التقرير إلى أن 90% من هذه التكلفة، خصصت للإنفاق على التسلح؛ لحفظ حدود السعودية الخارجية، ونفقات ذات صلة بحفظ الأمن، ومكافحة الإرهاب في الداخل. فيما ذكر أن الـ 10% المتبقية، خصصت لتغطية كلفة الخسائر البشرية الناتجة عن عمليات إرهابية في الداخل، والتي فسّرها الخبير الأمني بالتعويضات المالية لجرحى العمليات الإرهابية في الداخل، ولأسر الشهداء منهم.
في المقابل، فإن العمليات الاستباقية للسعودية حالت دون الكثير من العمليات الإرهابية، بعد أن اتخذت إجراءات صارمة على جبهات، ومستويات عدة؛ فانتهجت تدابير هامة للحد من تمويل الإرهاب في الخارج، وضيقت الخناق على الخطابات المحرّضة، وألقت القبض على المتطرفين، وأعادت تأهيلهم. كما عملت على إحباط الدعم المالي، والأيديولوجي للإرهاب؛ ليتأكد الاعتقاد السائد لدى المتابع، بأن هذه الجهود تؤتى ثمارها في خطين متوازيين، والذي شمل المستويين - العام والخاص -، بما في ذلك الجوانب - الوقائية والعلاجية والردعية والأمنية والسياسية -.
الراهن أننا - اليوم - في حالة حرب تطال قارات، وأديان، وثقافات. وستبقى السعودية بلد أمان، وسلام. وقصتها مع الإرهاب ستبقى تجربة مؤلمة في حق الوطن، والمواطن. ورغم تحقيق النصر فيها بفضل الإرادة، والعزيمة، والتصميم، والإحساس بحقيقة المؤامرة، إلا أن الظاهرة قد تستمر بعض الوقت، إذ لا يمكن إهمالها، ولا التصور بقرب الانتهاء منها قريبا؛ ما يعني أن الحرب على الإرهاب ستستمر؛ ولتبرهن للعالم أجمع عزمها على اقتلاعه من جذوره، والعمل على اجتثاثه، والتخلص منه.