د. عبد الله المعيلي
الكل يعلم اهتمام الدولة وقيادتها العليا بالمواطن، وبكل ما يحقق له حياة كريمة وفق البنود المعتمدة في الميزانية، والكل يقدر ذاك الاهتمام ويثمنه، ففي كل عام تخصص في الميزانية العامة للدولة المليارات الضخمة لكل الأجهزة الحكومية كافة وأخص منها التعليم والصحة والبنية التحتية، وفي ما له علاقة مباشرة بتيسير حياة المواطن ورفاهيته بصفة خاصة، بحيث يتولى الوزير والفريق العامل معه إنجاز المطلوب من الجهاز.
ومع ذلك مازال المواطن يشعر أن ما خصص لهذه الأجهزة من مبالغ مالية - رغم ضخامتها - لم تتم ترجمتها على الواقع، ولم يجسد لهم بما يتوافق مع حاجاتهم الضرورية ويلبيها، فمازال التقصير ملحوظا، حيث لم يلمس التغيير الذي يترجم هذه المبالغ التي ترصد سنويا بالمليارات، فالحال في كثير من الأجهزة بقي يراوح مكانه دون تغيير ولو مرحلي، سواء في كفاءة الأداء، أو جودة المخرجات وأخص التعليم والصحة والإسكان وغيرها، ولا ريب أن الوزير يتحمل بالدرجة الأولى تبعات التقصير وعدم إنجاز المطلوب من الجهاز.
لا ريب أن هناك خللا وقصورا في الأداء، حال دون تحقيق الطموحات المأمولة، وهنا يسأل المواطن من المسؤول عن هذا؟ المنطق السليم، والعقل الرشيد، يحمل المسؤول الأول في تلك الأجهزة (أعني الوزراء) القدر الأكبر من مسؤولية التقصير والفشل.
وإلى حد ما من يملك صلاحية استمرار هؤلاء الوزراء في مناصبهم رغم أنه لم يلمس منهم ما يحقق الغايات المنشودة من أجهزتهم، فبعض هؤلاء الوزراء يظل في منصبه عشر سنين وأكثر، مثال ذلك وزارة التعليم (سابقا) والإسكان وغيرهما، والتي سمع من قادتها الكثير من التصريحات ولم ير لهم طحينا، فوزارة التربية والتعليم التي طالما ردد المسؤولون فيها أنهم سوف يتخلصون من المباني المستأجرة خلال سنوات معدودات، بل إن بعض المدارس المستأجرة بقيت مستأجرة أكثر من عشرين عاما وهي في مكانها، ومن المعلوم أن أعداد المدارس المستأجرة في تزايد سنويا، وهذا يدل على غيبة التخطيط، وأن الأمور تسير وفق آمال وأحلام وتوقعات كثيرا ما يتبين أنها خاطئة.
ستظل هذه الأخطاء وتتكرر مع كل وزير جديد، والسبب واضح جدا وهو، غيبة الرؤية والمحاسبة والمراقبة، فكل وزير يجتهد حسب رؤيته هو، فالحال على غرار ما كان يحصل من معلمي الرياضة البدنية (طقها والحقها)، دون خطة وتمرين وتدريب، أذكر أن هذه حالة حصة الرياضة (كرة القدم) وهي الرياضة الوحيدة التي كانت تمارس في المدارس أيام كنا طلابا في التعليم العام، لذا غالبا ما نخرج من المباريات مهزومين هزيمة نكراء وبأهداف تزيد عن عدد الطلاب المتبارين.
كان هذا حسب ما يقال: (الجود من الموجود)، فكان الاختيار للأكفأ الذي يتوقع منه إنجاز المهمات حسب ما حدد له، وكذا معلمي الرياضة في ذاك الوقت يختار الأكفأ حتى لو كان دون تأهيل ولا خبرة، وبالتالي الشرهة ما هي عليهم إذا استمروا وهم بهذه الصفة، الشرهة على من سمح لهم رغم ضعف أدائهم وقلة إنتاجهم.
إن كان هذا مقبولا في ذلك الوقت، فلم يعد مقبولا حاليا نظرا لتوفر الكفاءات القادرة المؤهلة، وذات الخبرة الثرية في مجالها، والتي تستطيع أن تنتج وتحقق الغاية من الجهاز بكفاءة عالية، وخلال المدة الزمنية المحددة.
وبالتالي ينتظر أن ينهى تكليف كل من يتبين ضعف أدائه، وقلة إنتاجه، وعدم قدرته على إنجاز المهمات المناطة بالجهاز الذي أسند إليه قيادته، بعد أن تنتهي مدة التكليف المحددة بأربع سنوات.