سعد بن عبدالقادر القويعي
حسب تصريح آية الله حسين إسماعيل الصدر، بأن: «المحاصصة، والطائفية أساءتا لعلاقات العراق مع محيطه العربي عامة، ودول الخليج العربي خاصة»، مشدداً على أننا: «نكن كل الاحترام، والتقدير للسعودية التي تشكل عمقاً إستراتيجياً للعراق»، فإنه يكفيني من تصريح سماحته دليلان، الأول: أن العراق أصبح ساحة لحرب إقليمية طاحنة تجري بالوكالة على أرضه، بعد أن ساعدت إيران على إطالة، ودعم حركات التمرد، والحرب الأهلية في العراق. والثاني: يدل على أن إيران ضالعة بشكل كبير في تشكيل السياسة العراقية، واستخدام خليط من عمليات التمويل، والتدريب، والدعم السياسي؛ من أجل بسط نفوذها على الجماعات الشيعية الرئيسة هناك.
إن قيمة الدولة في العلاقات الدولية تتحدد بشكل رئيسي من موقعها الجيوإستراتيجي، ومن عمقها التاريخي. والعراق كدولة جارة تعتبر من ركائز الأمن القومي الخليجي، ويفرض الموقع الجغرافي ميزة على تلك العلاقات. وكأولوية إستراتيجية عاجلة، فإن العراق يوفر العمق الإستراتيجي، والمنطقة العازلة للدول المحيطة به، - وعليه - فإن سير المعالجة يتم وفق نهج التعاطي الحالي مع قوى الإقليم، وخارجه، وتعاون الكل مع حلفاء الداخل، والخارج؛ للبدء في تقليم أظافر إيران في دول الإقليم، والذي سيضع العبث الإيراني الطائفي بأمن المنطقة في حجمه الطبيعي.
صحيح أن الشرق الأوسط - برمته - كان نتاج حروب بالوكالة، انفجرت في المنطقة - خلال العقد المنصرم - ؛ لكن ليس لدى إيران الكثير من الأوراق، التي تسمح لها بالاحتفاظ بنفوذها في العراق على المدى البعيد. وقد حملت هذه المرحلة في طياتها رسائل ما فوق إستراتيجية، قد تكون مقدمةً طبيعية لإنهاء العدوان. وفي غفلة عن الحسابات المعقدة، فإن كل مكاسب التشيع السياسي مهدّدة بالزوال؛ الأمر الذي سيشجع على إقامة علاقات سياسية مع العراق، وخلق نوع من التوازن بين النفوذ الإيراني، والمصالح العربية في المرحلة الحالية، مع التأكيد على عدم قطع العلاقات مع المعارضة العراقية، التي تتفق معها، وربما تعتمد عليها مستقبلاً؛ لكبح النفوذ الإيراني المتزايد في العراق.
في لعبة العمق الإستراتيجي، فإن تقدير الدور الإستراتيجي، والعمق الحضاري، والإنساني، والديني الذي يشكله البلدان في المنطقة، والعالم سينبئ بإمكان فتح منافذ كبيرة بينهما، واستئناف السعودية دوراً فاعلاً في العراق، وفتح الباب أمام علاقات إستراتيجيّة طويلة الأمد معها. وهذه العلاقات لن تخدم - فقط - مصالح البلدَين ، وإنما ستساهم بشكل فاعل في تهدئة الفورة الطائفيّة، التي تصاعدت في منطقة الشرق الأوسط - بشكل لافت في السنوات الأخيرة - . والدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه العراق والسعوديّة؛ لإعادة التوازن إلى منطقة الشرق الأوسط،، برّر في السابق استمرار مرحلة الشكوك بين الجانبَين - لفترات طويلة -، وهذا الدور يبرّر - اليوم - إنهاء تلك المرحلة، والبدء بأخرى على قاعدة المصالح المشتركة، وهو ما عبّر عنه - الأستاذ - مصطفى الكاظمي.