فهد الحوشاني
مصيبة المسلمين في الدول الغربية بعد كل حادث إرهابي أكبر من أن توصف فهي مباشرة ترفع مؤشر التميز العنصري والتعميمات الجاهزة، والمسلمون في تلك الدول إما مهاجرون هربوا من جحيم بلادهم بحثاً عن الأمان في بلدان تحتضن شتات الشعوب المظلومة.
أو أنهم مواطنون اعتنقوا الإسلام، لهذا تحق مواساتهم والوقوف إلى جانبهم فكل جريمة إرهابية تضعهم في أقفاص الاتهام.
آخر الجرائم الإرهابية كانت في ولاية كاليفورنيا بأمريكا. والتي تبنتها داعش ربما حقيقة خططت لها، أو أنها فقط استغلت الحدث لتروج لقوتها وأنها تستطيع أن تنال من خصومها، قبل تبني داعش للحادث الإجرامي كان الحديث يدور عن مشاجرة حدثت، أعقبها عملية القتل، مما فسره بعض المحللين أن الحادث جنائي بحت! لكن تبني داعش غيَّر البوصلة تماماً وكما يقال (قطعت جهيزة قول كل خطيب!).
وصول الأفكار المتطرفة لم يعد بالإمكان السيطرة عليه حتى في أمريكا باعتراف أحد المسؤولين الأمريكان. مما يضع الدول الكبرى في مواجهة مسؤولياتها لتكف عن تهيئة ظروف نشوء الجماعات والأفكار المتطرفة سواء بقصد أو من غير قصد.
ليس الشعب الأمريكي هو المتضرر الوحيد، بل إن المسلمين نالهم ضرر كبير بسبب جريمة قام بها شخصان! ولا أدري متى يعرف الإرهابيون أن قتل بضعة أشخاص لن يؤثر إطلاقا على مواقف الدول في الغرب أو الشرق بل ومن تجارب سابقة تستغل كمبرر لمزيد من التدخل في شؤون الدول الإسلامية وللتضييق على حريات المسلمين في بلدانها.
ان التنديد بمثل هذه الحوادث والقول بمحاربة الفكر المتطرف ومحاربة داعش من السماء والأرض لن يحقق النتائج المتوقعة، فضرب النيران المشتعلة بالعصي لإطفائها ينتج عنه تطاير الشرر إلى أماكن لا يمكن توقعها.
ان الحل يبدأ بالبحث عن الأسباب وبأن تعترف الدول الغربية والشرقية بأنها تكيل بعدة مكاييل عند النظر في قضايا المسلمين، وعليها أن تعترف بأنها ومنذ سنوات تشعل (11 سبتمبر) في بلاد العرب والمسلمين أكبر وأعظم تدميراً مما قام به الإرهابيون في مانهاتن! وهناك فرق بين ما يقوم به أفراد وبين ما تقوم به دول! لأنها دمرت دولاً عربية وأشاعت الفوضى فيها وسلّمت دولة عربية (العراق) إلى دولة معادية لتحتلها وتعرضها للتقسيم وتحيلها إلى دولة طائفية، بل وهيأت أرضية مناسبة لنمو منظمات إرهابية دمرت البلاد وأرهبت العباد! خطأ في الإستراتيجيات أن يعتقدوا أن ما يفعلونه مباشرة أو صمتاً لن ينتج مثل هذه الأفعال. إن ما يفعله الغرب والشرق وإيران في البلاد العربية من تخريب متعمد أو بالتغاضي ودعم الطغاة بالسكوت عن جرائمهم كما يحصل في سوريا؛ سيؤدي للكثير من المظالم التي لن يستطيع أحد السيطرة على ردود الأفعال المضادة. لن نعول على الأمم المتحدة فهي أيضاً تشارك بصمتها وعجزها في تفاقم مشاكل العرب. لكننا نأمل أن تقوم تلك الحكومات بحماية شعوبها من أفعال الإرهابيين بالكف عن عمل المزيد من القهر والظلم للشعوب العربية، إن من يجعل نفسه خصماً للشعوب ويعين الظالمين والمحتلين عليه أن يتوقع ردود أفعال، إلا إذا كانت ردود الأفعال هي الهدايا التي يخطط لها، والمنتظرة من الإرهابيين لتبرير فرض مزيد من الهيمنة على المنطقة والتدخل في شؤونها السياسية وحتى الدينية، فهذا أمر آخر، ولله الأمر من قبل ومن بعد!