ناصر الصِرامي
من بين الأسئلة الكثيرة والاستفهامات المتنوعة حول السياسة السعودية واتجاهاتها، والحركة النشطة والاستثنائية، التي شهدتها البلاد بزيارة أبرز زعماء ورؤساء العالم، ومن كل قاراته تقريباً، خلال عام واحد فقط، هو العام المنصرم 2015 ميلادية؛ إذ استقبلت الرياض أعداداً لم تستقبلها بهذا الكم والكيفية في عام، فضلاً عن القمم التي استضافتها الرياض خليجياً وعربياً وصولاً إلى القمة العربية اللاتينية.
ماذا يحدث في الرياض..؟
وسط كل ذلك، وتفاعل الأحداث وتطوراتها في المنطقة العربية والمحيط الإقليمي المربك سياسياً وأمنياً، استمرت الرياض في عمليات إصلاحية وتطوير لجهازها التنفيذي الكبير ممثلاً في مجلس الوزراء ومجلسَيْ الشؤون السياسية والأمنية، والاقتصادية والتنموية. وهي عمليات متواصلة، لن تتوقف حتى استقرار فعلي للكفاءات في المواقع المستحقة.
كان لافتاً للغاية في العام الماضي أن الرياض لم تتوقف يوماً عن صدارة الأخبار وتوقعات وتحليلات وسائل الإعلام العربية والعالمية؛ فالبلاد تقود تحالفاً عربياً لإعادة الشرعية في اليمن، والوقوف بحزم أمام التمدد الإيراني عبر جماعة الحوثي ونفوذهما، وفيما تحقق نتائج معتبرة في حرب اليمن أطلقت تحالفاً إسلامياً، هو الأول من نوعه، في قفزة تاريخية لمواجهة الإرهاب، ومن أجل أن تتحمل الدول الإسلامية مسؤوليتها الدينية والإنسانية في مواجهة قوى الشر الإرهابية التي تتخذ من الإسلام المتطرف عناوين خادعة لها. السعودية تؤكد مجدداً أنها القائد للعالم الإسلامي.
لم تكن إيران محاصرة في قبضة السياسة السعودية - العربية كما يحدث الآن، وهو جهد سياسي طويل ومستمر.
فعلاقات الرياض مع كل عواصم العالم اليوم متينة وراسخة باستثناء طهران التي توجِّه جهدها وإمكانياتها وطاقاتها لإحداث الفوضى، وتفكيك دول عربية، ودعم محاور الشر فيها، في سوريا ولبنان والعراق، حيث دخلت السعودية مجدداً في العام الماضي لساحتها الدبلوماسية والسياسية عبر حضور سفيرها لبغداد؛ لتؤكد الرياض عبر ما قدمته من دعم مطلق لاستقرار الأوضاع في مصر والأردن والحركة النشطة في التأثير بالملف السوري، ودعم الدولة اللبنانية؛ لتؤكد عزم قيادتها للعالم العربي واستقراره.
ختمت الرياض، صاحبة أقوى اقتصاد عربي، والعضو بمجموعة العشرين الاقتصادية الدولية.. ختمت العام بميزانية واقعية للدولة، وفي الوضع الاقتصادي العام؛ بسبب تراجع أسعار النفط إلى أقل مستوياتها، إلا أن الميزانية العامة هزمت كل التوقعات المتشائمة، وقدمت ما هو أشمل من أرقام، إلى برنامج عمل إصلاحي اقتصادي وتنموي.
ما الذي لم تفعله الرياض في عام واحد مَرَّ، منذ تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز قيادة البلاد؟
على المحاور السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتنموية والأمنية، وفي بلد يواجه حربَين، مباشرة في اليمن، وحرب الإرهاب في الداخل والخارج أيضاً، تعلن السعودية نفسها بأنها مستقرة وماضية نحو المستقبل بكفاءة أداء استثنائية، وحضور لائق وكبير في المحيط الإقليمي، والعربي والدولي. حضور يؤكد قيادتها للعالم العربي والإسلامي.
وهذا هو العنوان الأبرز لعام مَرَّ، لم تتوقف فيه السعودية بقيادتها عن صدارة الأحداث وفعلها، بمشروع محلي وعربي واضح المعالم والاتجاهات.