سعد بن عبدالقادر القويعي
تتجدد سياسة الحزم السعودية تجاه العناصر الإرهابية في إعلان وزارة الداخلية, بتنفيذ حكم القتل تعزيراً في « 47 « مداناً في قضايا إرهابية؛ درسا واقعيا, ومثاليا في استخدام الأدوات اللازمة للتعامل مع خطر الإرهاب, باعتبار أن ما نواجهه من إرهاب, يحتاج إلى تنفيذ أحكام القصاص للحدّ من الجرائم. الأمر الذي يعد التزاماً من الدولة نحو ملف الإرهاب, - إضافة - إلى صرامتها, وكفاءتها في محاربة الإرهاب, ودحر مخططاته الإجرامية, - سواء - على المستوى الداخلي, أو الإقليمي, أو الدولي.
في ظل انتشار التنظيم الإرهابي «داعش» في عدة بلاد عربية، - وكذلك - ظهور عناصر من تنظيم «القاعدة» الإرهابي مجددًا، برزت الصورة الحازمة للسياسة السعودية في التعامل مع الإرهاب بشعارٍ قوي، يوازيه الضبط, والمكافحة الأمنية، وسياسات عدة سعت من خلالها السعودية إلى تحقيق السلم, والأمن - محليًا وإقليميًا -.
من الناحية القانونية, فقد صدر نظام مجلس الأمن الوطني السعودي الصادر بالمرسوم الملكي الكريم - رقم أ / 296 , وتاريخ 13- 9- 1426هـ، والذي يهدف إلى المحافظة على مصالح الدولة الأمنية, والاجتماعية, والسياسية, والاقتصادية, والعسكرية, وحمايتها, وسلامة شعبها. ثم صدر نظام مكافحة الإرهاب, وتمويله, الذي تم تطبيقه اعتباراً من تاريخ 1-3 - 1435هـ، والذي تضمن تعريف الجريمة الإرهابية في المادة الأولى منه, بأنها: «كل فعل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي, أو جماعي - بشكل مباشر - , أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع, واستقرار الدولة, أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم, أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة, أو مكانتها», وكذلك عرّف جريمة تمويل الإرهاب، كما عرّف عددا من المصطلحات - ذات العلاقة بهذه الجريمة - ، وبيان ما يترتب على ارتكاب أي منها، - إضافة - إلى إسناد الاختصاص القضائي «لولاية النوعية»؛ لنظر مثل هذه القضايا إلى المحكمة الجزائية الخاصة، ومحكمة الاستئناف الجزائية الخاصة.
إن بقيت الأفكار الخوارجية الداعية لشق يد الطاعة عن ولاة الأمر؛ فستصنف ضمن دائرة الإرهاب, والمندرجة في باب جرائم الحرابة, التي تخضع لأشد العقوبات, وذلك بعد أن يستوفى في حقه كل درجات التقاضي، ويبت في أمره، وتقام البينة القاطعة عليه، وتنتهي مصلحة التحقيق منه, - خصوصا - وأن استقلال القضاء السعودي, وعدم التدخل فيه مبدأ دستوري, وحق سيادي للدولة, يَحْمِي حقوقَ الإنسان, ويوفر كافة الضمانات للمتقاضين؛ لاستناده إلى أحكام الشريعة الإسلامية, التي جاءت بأعدل الأحكام، وأرقى النُّظُم في حفظ الدين، والنفس، والعرض، والمال، والعقل، وعلى نحوٍ يوازن بين مصالح الفرد, والمجتمع.
إن تحقيق التكامل, ورصّ الصفوف, وتوحيد الجهود لمكافحة الجماعات الإرهابية, التي هتكت حرمة النفس, وهددت الأمن, والسلام - الإقليمي والدولي - , وشكلت خطراً على المصالح الحيوية للأمة, وأخلت بنظام التعايش فيها, يقتضي تقرير عقوبة القصاص, وتنفيذها؛ لأنها عقوبة ضرورية في حق هؤلاء المجرمين؛ ومن أجل التصدي لجرائمهم البشعة, وضمان عدم العودة إليها من غيرهم؛ كون جريمة الإرهاب خطرا محدقا بالبلاد, - ولذا - فإن إقرار عقوبة القتل تجاه مرتكبي هذه الجرائم في العمليات الإرهابية, يعد حلا أمثل في وضع حد نهائي لجرائمهم البشعة, والمهددة للدولة, وللمجتمع.