سعد بن عبدالقادر القويعي
يقتضي إعلان منظمة العفو الدولية - قبل أيام -، بأن: «القصف الجوي الذي تشنه روسيا في سوريا، قد يرقى إلى جريمة حرب، بسبب عدد المدنيين الذين قتلتهم الضربات الجوية، والتي ذكرت المنظمة الحقوقية، أنها تظهر أدلة على انتهاك القانون الإنساني»؛ دلالات سياسية مستقبلية قد تكون حلا غير ممكن، وغير قائم على أرض الواقع، كون التقرير يشير إلى إرهاب دولة، وارتكاب جريمة من جرائم الحرب، الذي هز ضمير الإنسانية بقوة، وهدد السلم، والأمن، والرفاه في المنطقة.
ما يجري - اليوم - في سوريا ليست نتائج عرضية لعمليات حربية؛ لأن المسألة أعمق من ذلك، إذ ثمة مؤشرات حقيقية تدل على نية روسيا ارتكاب المزيد من جرائم الحرب الجديدة، في إطار هجوم واسع النطاق، وموجه ضد السكان المدنيين، وذلك عملا بالسياسة الروسية، والتي تقتضي ارتكاب هذه الجرائم، كالقتل العمد، والإبادة، والنقل القسري للسكان، - إضافة - إلى الأفعال اللاإنسانية الأخرى - ذات الطابع المماثل -، والتي تتسبب عمدا في معاناة شديدة، وفي أذى خطير يلحق بالمكون السوري. - وفي المقابل - القدرة على إصابة المصالح الدولية بضرر، وتعريضها للخطر؛ فاستغلت تلك المؤشرات كذريعة للتدخل في شؤون دول المنطقة، التي خالفتها في سياستها الاقتصادية، أو السياسية، أو التي لا تدور في فلكها.
يطبق القانون الدولي الإنساني على النزاعات المسلحة، وبحسب المواثيق الدولية، فإن النظام الروسي مارس جرائم ضد الإنسانية في سوريا؛ مما يستدعي محاكمة من ارتكب هذه الجرائم، وذلك وفقاً لتعريف محكمة الجنايات الدولية، بأن جرائم الحرب تشكل الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949، وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي، أو داخلي، وإدراج النزاعاتِ الداخلية بما يتواءم مع القانون الدولي العرفي.
من جانب آخر، فإن الانتهاكات الدائمة لحقوق الإنسان، تستوجب منع إفلات المسؤولين الذين ارتكبوا مثل هذه الانتهاكات من العقاب، ووجوب تقديمهم إلى محكمة الجنايات الدولية ؛ كونها من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم؛ استنادا لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، والتي صدرت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمصادفة على هذه الاتفاقية في 26 نوفمبر 1968م.
ولكل ما سبق، فإن القضية - اليوم - تتمحور حول الحل الحقيقي للأزمة السورية، بعيدا عن المساواة بين الضحية، والجلاد؛ ولأننا أمام لحظة متمايزة، يعاد فيها صياغة المنطقة من جديد، فإن القانون الدولي يعتبر العدوان الروسي اعتداء إضافيا، وجريمة حرب، يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة، أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي، باعتباره أمرا نبذته حتى الدول الاستعمارية - منذ عقود من الزمن -، بعد ما أدركت فداحة ما اقترفته من جرائم بحق الإنسانية، إلا أن ما نخشاه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة، هو تداخل هذه الجرائم ذات الطبيعة الدولية، مع هذه الجرائم المحرمة في القوانين الوطنية، واستقلالها سياسيا من جانب الدول الكبرى؛ لتحقيق أجندتها الخاصة.