عبدالحفيظ الشمري
من المؤكد أن فصل الشتاء يأتي عادة برسالة إنسانية مهمة، تؤكد ضرورة أن يكون هناك المزيد من التضامن والتكافل الاجتماعي والأسري، من أجل خدمة المحتاجين، وتقديم العون لهم، وقضاء حاجاتهم؛ ليتمكنوا من تجاوز مراحل الشتاء القاسية، وطقسه القارص، لعلهم يكونوا أقل عناء، وأكثر دفئاً على المستوى المادي والمعنوي.
ففي الشتاء وفي سائر الفصول لا شك أن هناك من يسعى في أمور الخير التي تخفف عن الناس أعبائهم وتلبي حاجتهم، إلا أنه ومع هذا الفصل البارد والشاق فإن الأمر قد يكون مضاعفا على منهم بحاجة إلى العون والمساعدة.. مع أهمية تقديم هذه المساعدات والخدمات بأسلوب واقعي، وبتنسيق محكم، يستبعد الكثير من صور التحايل، وإدعاء الحاجة، أو التظاهر بالغرم والمديونيات؛ مما يجعل الكثير من أعمال الخير تذهب إلى غير مستحقيها، وهذا واقع ملموس؛ تعاني منه الجهات الخيرية، وغالباً ما تصرح به لجان العمل الميداني.
وربما من أبرز خطوات إنجاح العمل الخيري، وإيصال المساعدات إلى محتاجيها هو دور المدارس بمختلف مراحلها.. فهي الواجهة الحقيقية لتلمس احتياجات الناس، وعلينا في هذا السياق أن نستبعد فرضيات وفرة الفقراء في المدن الرئيسة والكبيرة، أي من الضروري أن تذهب جهود الباحثين ولجان الاستقصاء - إن أرادوا نجاح مشروعهم - إلى أطراف المدن، وفي القرى، والهجر والبادية، فستجد أن هناك بعض المظاهر في المدارس التي تعكس الواقع المعيشي المتردي لبعض الأسر، حيث يظهر ذلك على الطلاب والطالبات باعتبارهم واجهة الأسر أمام المجتمع.
من هنا يأتي دور القائمين على التعليم ومدراء المدارس والمعلمين لكي يسهموا في رسم ملامح الكشف عن هؤلاء المحتاجين، وأن تكون المدرسة بوابة للخير والعطاء مثلما هي بوابة للتربية والتعليم والمعارف.
فالكثير من القصص والحكايات التي يوردها منسوبو المدارس لا سيما في القرى والمناطق النائية تتمحور حول صور الحاجة والفقر الذي يتشبث بالعديد من الأسر؛ حيث تشير مشاهداتهم المدرسية والميدانية إلى أن هناك من الأطفال من يأتي حافيا لتعذر شراء الحذاء، أو من يرتدي ملابس الصيف في عز الشتاء لضيق اليد، أو من يعاني الجوع وقلة الغذاء.
والأهم من هذا وذاك هو حالة البرد والصقيع الذي تمر به بعض المناطق في شمال بلادنا والذي يعد قاسيا، حيث يأتي بعض الطلاب والطالبات إلى المدارس وليس لديهم ما يكفي من ألبسة وأحذية تقيهم شرور الفاقة والعوز، وبرد هذا الشتاء، وحينما تفتش عن أسباب مظهرهم وملبسهم وقسمات وجوههم التي تعاني ستجد أن أسرهم تعاني أيضاً من قسوة الحياة، وضيق اليد وغائلة الحاجة.
فالفرصة ذهبية ومناسبة أن تضطلع المدرسة بدورها الإنساني، وخدمتها للمجتمع وللأسر المحتاجة؛ من خلال المساهمة في إيصال المساعدات على مستحقيها؛ ولا ننكر، أو نغيب في هذا السياق أن هناك جهودا تبذل من قبل المعلمين والمعلمات في هذا الشأن، فجهودهم الخيرة في هذا المجال مشكورة إلا أنها لا تغطي احتياجات هؤلاء الطلاب وأسرهم.. فليتهم يشاركون الجهات الخيرية ويتعاونوا معاً في تلمس احتياجات الناس لا سيما في فصل الشتاء.