عبدالحفيظ الشمري
من الأيام الإنسانية المميزة في حياتنا هو ما تم الاحتفاء به يوم أمس الأحد 20-12-2015م وهو اليوم العالمي للتضامن الإنساني؛ والذي يعد بحق لحظة تنوير مهمة بأن يكون هناك من التضامن والتعاون الإنساني ما يتعدى كل الحواجز والمعوقات والحدود من أجل بناء علاقة إنسانية تتسم بالمنفعة والمصالح المشتركة، والتطلع نحو المستقبل بوصفه ملكاً للجميع، عسى أن تتحقق من خلاله الكثير من الطموحات والأحلام.
وما هذا اليوم إلا تذكير بدور التضامن الإنساني وأهميته في حياتنا لا سيما نحن أبناء المجتمعات النامية التي تبحث لها عن هوية وعلامة فارقة.. فليس أجمل من التضامن والتعاون والشراكة المتوازنة والعادلة بين المجتمعات من أجل أن يرسم الجميع معالم الحياة الممكنة بعد أن تغلبت صور ومشاهد التشاؤم التي ترى العالم يعيش حالة من التنافر والقطيعة، وغياب الحياة الإنسانية الراشدة.
ولا شك أن اليوم العالمي للتضامن الإنساني موجه لعالم (القرن الواحد والعشرين) الذين باتوا -حقيقة وليست مجازاً- في أمس الحاجة إلى مزيد من التعاون والتضامن، لأنه ومن خلال مجتمعاتهم يمرون بأصعب مرحلة من مراحل وجودهم وبقائهم المعنوي والإنساني لا سيما وأن هناك انفصاماً ما في عرى العلاقات الإنسانية بين هذه المجتمعات؛ في محيطها المحلي، أو الداخلي، مما جعل بعض هذه المجتمعات تنكفئ على ذاتها، وتتظاهر بأنها تستغني عن كل ما حولها، رغبة في التفرد بما تحسبه أو تظنه أنه تميز في تكوينها، على نحو اعتمادها على قشور الحضارة، وشكليات البناء، وزخرف المادة المبالغ فيه.
وحينما نتأمل هذا اليوم العالمي نلمح جهود مدبري ومديري وأعضاء القمة العالمية للتنمية الاجتماعية الذين لا يزالون يستشعرون أنه بات من المهم والضروري أن تتحرك الدول نحو بناء صياغة إنسانية تضامنية جديدة، ورؤية واقعية للحياة المعاصرة والمستقبلية؛ ويأتي في مقدمتها السعي إلى القضاء على الفقر والمجاعات والأمراض، والأمية بمستوييها التقليدي كتابة وقراءة، ومستواها الأخر المتمثل في أمية المعارف والعلوم.
وهناك أمر آخر لا يقل أهمية في منظور التضامن والتعاون والتكامل بين المجتمعات والشعوب وهو المتمثل في ضرورة الاستثمار الحقيقي في مشروعات «التنمية البشرية» أي أن هذه الخطوة في غاية الأهمية؛ كونها هي المعيار الجديد في بناء علاقات الدول بعضها ببعض، إلا أنه يتطلب أن يكون هناك استثمار حقيقي، وليس شكلياً، من أجل أن تتجاوز هذه الدول والمجتمعات ما تمر به من تحديات وعقبات.
وما يلاحظ أيضاً ومن خلال تفاعلات هذا اليوم العالمي للتضامن الإنساني أنه ورغم أن هذه الدول النامية هي محور رئيس في مثل هذه الاستثمارات إلا أنها لم تتمكن بعد من تحقيق تكاملها التنموي والاجتماعي، لغياب عنصر الشفافية، وفراغ المخزون المالي -النقدي- الضروري من صناديق الرعاية الاجتماعية والإنسانية في هذه المنظمات والهيئات واللجان، أي أن هناك شُحاً في الموارد المالية.
ولا بد أخيراً إلا أن نتذكر مع من حولنا أنه ومن خلال احتفاء العالم بهذا اليوم المهم، أن يظل فرصة مناسبة للتذكير بالتزامات هذه الدول بما يوكل إليها من أدوار ومهام معنوية ومادية لخدمة أوجه النشاط الاجتماعي والإنساني.