يوسف المحيميد
منذ أن تحولت إيران إلى دولة دينية طائفية، أو بمعنى أكثر صوابًا، دولة تستغل الدين وتستثمر المذهبية بشكل مفضوح، وبعد تحول حكم ولاية الفقيه فيها إلى نظام بربري قمعي، افتتحته أواخر السبعينات باقتحام السفارة الأمريكية بتواطؤ حكومي مخابراتي مكشوف، وهي تعتبر دولة خارجة عن القانون الدولي، فكما هو معروف ضمن مواد القانون الدولي أن السفارات تعد جزءا من التراب الوطني لدولة السفارة، ويجب أن تحظى بحماية الدولة المستضيفة... لذلك يحق لنا القول، وبوضوح، إن اقتحام السفارة السعودية في طهران، هو اعتداء سافر وعلني على سيادة المملكة، وفق الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولي.
أعتقد إن كانت الحكومة الإيرانية تواطأت مع أجهزتها العسكرية والاستخباراتية، ورفعت الحماية عن سفارتنا، وجعلت الغوغائيين يشعلون النيران فيها، فإنه يجب محاكمتها دوليًّا كدولة إرهابية. أما إن كانت لم تستطع حماية سفارة دولة فيها، أو ادَّعت ذلك، فلا بد من تدخل دولي لإعادة الأمن والطمأنينة للشعب الإيراني أولاً، ولسفارات الدول الأجنبية وبعثاتها الدبلوماسية ثانيًا.
إن ما تفعله إيران هو تهور ومراهقة سياسية يجب إيقافها، وإلا فهي تجر العالم ليس إلى استمرار الحظر الاقتصادي عليها فحسب، بل ربما التدخل العسكري، نتيجة ما تفعله من تدخل سافر في شؤون الدول العربية!
في مقابل هذه الغوغائية، فإن من المستحيل أن تتعرض سفارة إيران في الحي الدبلوماسي بالرياض لأي اعتداء، أو حتى التظاهر أمام بواباتها، لأننا ببساطة دولة قانون، ندرك حصانة سفارات الدول ومبعوثيها، ونحميها من أي اعتداء، فضلا عن وعي شعبنا وإدراكه بأن هذه البعثات الدبلوماسية تتمتع بحماية وحصانة يفرضها القانون الدولي، ذلك القانون الذي لا تعترف به إيران أصلاً، ولا تتعامل به، بل تتفنن في انتهاكه!
ولعل السؤال الأكثر أهمية، هو ما الذي يجعل إيران تتجرأ إعلاميًا، ومن خلال تصريحاتها المستفزة، أو إشعال النار في سفارة بلاد يفترض أن تحميها، هل بسبب الأحكام تجاه الإرهابيين؟ أم بسبب مواطن سعودي اسمه نمر النمر؟ فإن كان بسبب الأحكام القضائية الصادرة من خلال أكثر من ثلاثة عشر قاضيا، وعلى مدى زمن طويل، فعليها أن تبرر إعدام آلاف المواطنين الإيرانيين شنقًا، وبالرافعات، وفي الشوارع العامة. أما إن كان بسبب المواطن السعودي النمر فهو تدخل سافر وغير قانوني في شؤون داخلية لدولة مجاورة، وعليها أن تسأل عن بقية قائمة المحكوم عليهم بالإعدام، أما إن كانت تستغل البعد المذهبي للمواطن النمر، فهي كما ذكرت في بداية هذا المقال، دولة قامت على أساس ثورة طائفية، ترغب في تصديرها للدول العربية، واحتلال هذه الدول، بغطاء مذهبي، يخفي تحته أحلام قومية بائدة لمملكة فارس القديمة!
أما ردود أفعال أتباع إيران من العرب، فهي مضحكة إلى حد البكاء، فمقتدى الصدر يحث الحكومة العراقية على وقف تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، يقصد إعادة العلاقات، مع أنني أحببت كلمة «تطبيع»، لأنها تُستخدم مع إسرائيل، وليست مع دولة مسلمة، بل هي قبلة مليار مسلم. في حين استخدم حزب الله اللبناني في بيانه مفردة «اغتيال» النمر، في تعبير واضح عن ممارساته في اغتيالات السياسيين النزهاء في لبنان، بتفخيخ المركبات، بينما الأكثر سخرية كان تصريح وزير الإعلام السوري، الذي اعتبر الأحكام اغتيالا للحريات وحقوق الإنسان، تخيلوا وزير إعلام نظام يجلس فوق ركام مدن سورية مهجورة بعد قتل وتهجير ملايين المواطنين السوريين، ويتحدث عن حقوق الإنسان!!!