سعد بن عبدالقادر القويعي
إحدى مجموعة جرائم الإرهابي «نمر النمر» الثمانية، إطلاقه دعوات تحريضية ضد الدولة، ومطالبته بانفصال المناطق الشيعية، وتشكيل دولة شيعية موحدة، متبنياً نظام ولاية الفقيه بأنموذجها الإيراني، ودمج تلك المطالب مع جملة مصالح آنية، ومادية، أغرت قلة من مؤيديه،
لكونه المنبع الأيديولوجي الذي ترعرعوا حول بدعته، وتطرفه، وغلوه؛ وحتى يتمكن من ضمهم إلى معسكر طهران، وتحقيق مشروعها التوسعي المشبوه لنظام ولاية الفقيه.
تعتبر ولاية الفقيه - والتي مضى على إحياء فكرتها أكثر من ثلاثة عقود - بدعة في الفقه الشيعي، بل هي مخالفة لإجماع الشيعة - منذ أكثر من ألف عام -؛ فنشأت - مرة أخرى - بتقديم الخميني بحثاً صغيراً إلى النجف، بعنوان: « الحكومة الإسلامية «، والذي قوبل بالرفض من معظم فقهاء الشيعة؛ لأن الأخطر في ولاية الفقيه كمفهوم - سياسي فقهي -، أنّه يعتبر نفسه عابرا للحدود، إذ لم يرد يوماً أن يبقى محدوداً في إيران. وفي اعتراف غير مسبوق، اعتبر خامنئي ولاية الفقيه بدعة من الخميني في تاريخ الإسلام، قائلاً: «إن بناء نظام حكم على أساس الفقه الإسلامي، لم يسبق له مثيل إلى ما قبل الإمام الخميني، وسماحته أول من طرح، وبنى نظامًا سياسيًا من الناحيتين - الفكرية والفعلية - على أساس سلطة الشعب الدينية، وولاية الفقيه «.
تنص ولاية الفقيه على أن للفقيه ولاية على الفقه - ذاته -، ويستطيع أن يغيّر نصوص الشريعة، وينسفها، ويكتب مكانها شرعا جديدا، وهو ما يراه الخميني من أن سلطة الفقيه أثناء ولايته سلطة مطلقة، لا تختلف أبداً عن سلطة الإمام المعصوم، ولا حتى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويستند في ذلك إلى التوقيع المزعوم للإمام المزعوم، الذي يقول فيه: « أما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله «. وتبعاً لهذه التقسيمات، فإن الجاحد لولاية الفقيه يعتبر جاحداً للإمام المعصوم، والجاحد للإمام المعصوم يعتبر جاحداً لحقوق الله، والجاحد لحقوق الله يقع في حد الشرك الأكبر عند الخميني الهالك.
إن أكبر إشكال لولاية الفقيه، هو كون السلطة بيد الفقيه، - إضافة - إلى اجتماع السلطات - كلها - عنده، وإعطاؤه ولاية مطلقة، وصلاحيات كبرى؛ فنتج جملة من سوءات الولاية، كتصدير الثورة الإيرانية إلى الخارج؛ من أجل مواجهة التهديد الحقيقي لمصالح من ابتكرها، ويستعملها حالياً، أي: أنه أراد من خلال ولاية الفقيه تطويع الشعارات الدينية لا خدمة للدين، بل جعلها وسيلة نحو عالم السياسة، والحكم، والتسلط. - وكذلك - تسلطها الثيوقراطي المطلق على البلاد، والعباد، باعتبار أن طاعته واجبة على الأمة الإسلامية - كما يزعمون -، قياسا على طاعة المهدي المنتظر، لكونه نائبا عنه، ولا يجوز مخالفته.
لا يستند مبدأ ولاية الفقيه إلى أي مستند شرعي صحيح، بل إن خلاصة القول في هذه المسألة، هو ما قرره - العلامة - محمد علي الحسيني - الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان -، ببدعية ولاية الفقيه العامة، وأنّها نظرية فقهية مستحدثة أُلصقت بالشيعة الإمامية الإثني عشرية، بل وألحقت بها كل من استطاعت الوصول إليهم من علويين، وزيديين. وقد أثبتت هذه النظرية البدعة - طوال ثلاثة عقود من عمرها -، بأنها تغطي سياسة قمعية استبدادية، تقوم على إقصاء العقل، ورفض الآخر، والتسلط المطلق على حياة الإنسان بحجة الدين، والدين منه براء.