محمد المنيف
استكمالاً للمقال السابق الذي حمل عنوان: (مدة صلاحية الفنان.. عند البعض). والذي أشرنا فيه إلى مقولة البعض إن غياب الفنان عن الساحة يعني عندهم نهاية مدة صلاحيته.
نعود أي عالم الإبداع بكل روافده الأدبية والفنية نرى كيف أبقت تلك الإبداعات أصحابها أحياء يتذكرهم الناس أجيال تلو أجيال، ولنا في عالمنا التشكيلي الكثير من الأسماء العالمية والعربية والخليجية ومنها الفنانين السعوديين فهذا الفنان محمد السليم يرحمه الله الذي لا يمكن أن يذكر تاريخ الفن التشكيلي العربي وليس السعودي فقط إلا ويذكر وكذلك الفنان الرضوي يرحمه الله وما أبقاه من إبداعات لا زالت تذكر الأجيال به.
وماذا عن بقية الفنانين العالميين الذين لا زال الفنانون من مختلف الأجيال المعاصرة التي أتت بعدهم تستقي تجاربهم وتتأثر به مع عدم القدرة على تكرارهم، منهم ليوناردو دي فنشي وسلفادور دالي ورمبرانت وكل من في عصر النهضة ومن جاء بعدهم من فناني الحداثة حتى مؤسس الحداثة وما بعدها ومنهم رائد المفاهيمية دو شامب مع غظ الطرف عن ميولته والاستشهاد ببقية أعماله.
هذه الشواهد وما أشرنا إليه في المقال السابق رداً على من يقلل من مشاركة الفنانين الكبار (سناً وإبداعاً وريادة) كما يتشدق البعض ممن لا يرى إلا نفسه بعد أن حبسها في برج عاجي صنع قضبانه من مجاملات لا تمت للفنون أو الثقافة باي صلة وإن كانت كذلك فهي إما من الهواة أو أشباههم.
لقد وهب الله للمبدعين نعمة البقاء عبر ما ورثوه للآخرين من إبداع في كل مناحي الحياة فالإبداع لا يتوقف عند صاحب قلم أو لوحة أو منحوتة أو لاعب كرة بقدر ما يمتد إلى كل البشرية إذا وضعنا الكلمة في حدود الابتكار والسعي لتحقيقه وفي مقدمتهم المهندسين والأطباء والمعلمين وحتى عامل البناء وكل فرد يقدم عملاً إنسانياً يحقق فيه شرط الكمال والاتقان.
نعم إنها النعمة التي توقف كل من أراد تهميش من سبقوه أو من ساهموا في وضع نقطة على حرف في جملة أو رسم لوحة أو بناء حضارة، توقف من يجهل أن المبدع لا ينتهي أو يتوقف من ذاكرة الناس حتى لو رحل عن الحياة.
فكيف بمن هم على قيد الحياة خصوصاً في مجالنا التشكيلي الذين يعدون شهود على الواقع وراصدين لكل خطوة من خطوات الأجيال التي أتت بعدهم.
إنه الجهل والغرور القاتل أن يحتج أحد هواة الفن التشكيلي على مشاركة مجموعة من الفنانين من أصحاب التاريخ الفني والريادة في لجنة استشارية أو تحكيم أو تمثيل للوطن، بحجة أنهم لم يعد لهم حضور ومشاركة في المعارض أو مشاهدة أعمالهم الجديدة.