سعد بن عبدالقادر القويعي
يبدو أن النجاحات السياسية السعودية على أرض الواقع، أثرت على لغة العنجهية الإيرانية، التي كانت تستخدمها ضد دول المنطقة، وزادت بعد اتفاقها مع الغرب على برنامجها النووي - أخيراً - ، إلا أن إعلان المملكة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، على خلفية الاعتداءات الهمجية على سفارة - خادم الحرمين الشريفين - في طهران، والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، كانت خطوة استباقية، وضربة موجعة بما يناسبها من دبلوماسية شرسة، تحاصر طموحات طهران، ومساعيها للاستعراض أمام العالم.
محور المناقشات في الدوائر السياسية في طهران، يؤكد على أن الدولة الإيرانية تعيش مأزقا كبيرا لا تخفيه غطرسة تصريحاتها، فالمخططات الإيرانية التي تستهدف زرع ألغامها في المنطقة العربية، كانت دليلا واضحا على أن إيران لم تتخل يوما عن غرورها الطاووسي، كما أنها لم تعمل على إعادة تقييم أوضاعها بكل عقلانية، والبعد كل البعد عن الأنا المتضخمة، والنزعة القومية الجامحة.
إهدار نظام الملالي المال العام في أعمال الإرهاب الدولي، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، - كلها - أعمال تستدعي التدخل الجماعي؛ لإيقاف هذا الإرهاب المنظم الذي يقع في قائمة الجريمة المنظمة، والإبادة الجماعية، وهما الأشد خطورة على الكيان البشري؛ كونهما من أمهات الجرائم المرتكبة ضد الإِنسانية، والتي حظيت بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لها في 9 / 12 / 1948 م، ثم دخلت حيز التنفيذ في الثاني عشر من يناير / كانون الثاني 1951م، حيث تنص الأطراف المتعاقدة في الاتفاقية على منع : « الإبادة الجماعية، - سواء - ارتكبت في أيَّام السلم، أو أثناء الحرب «. ولا يقتصر التجريم - وفق المادة الثالثة من الاتفاقية - على الإبادة الجماعية، وإنما يشمل - كذلك - التآمر على ارتكابها، والتحريض المباشر، والعلني عليها، ومحاولة ارتكابها، والاشتراك فيها.
إن استنزاف قوة إيران الهلامية، وسقوط سياستها الخارجية أخلاقيا في الحضيض، هو مقدمة لانتهاء غطرسة إيران، وتوقفها عن تخريب بلدان أهل السنة. وستكون نتائج الحسم النهائي لهذا الصراع الطويل بطريقة الأسلوب نفسه، بعد أن تورطت بالولوج في دهاليز هذه السياسية العقيمة، التي انتهجتها حكومة الملالي، - ولذا - فإنَّ الاعتماد على القوى الذاتية لدول المنطقة، مع ضرورة تنويع مصادر السلاح الغربي، وحسن استغلال الفرص الاقتصادية هي بوابة التقارب؛ لأن الاقتصاد هو المحرك الأساس للعلاقات السياسية، والاستراتيجية الدولية.
لا تعلم إيران مدى حساسية الظروف الراهنة في المنطقة، - خصوصا - وقد أساءت التقدير حين اعتقدت أن بوسع الإيرانيين الانتصار على الدولة السعودية الكبرى في المنطقة؛ ولأنها لا تقرأ التاريخ جيدا، فإنَّ الأمة الإسلامية ما زالت بخير، ودول المنطقة بقيادة السعودية أوعى للتجارب، وأقدر على المراجعة، والاستفادة من تجارب المرحلة. وعلى ما يبدو، فإنَّ سلوك إيران بات أشبه بممارسة اليائس، الذي وصل إلى مرحلة التخبط، والتي كاد أن ينتج عنها إخضاع المنطقة لتغيير جذري، وقلب موازين القوى فيها.