أحمد بن عبدالرحمن الجبير
كان قرار المملكة صائباً وحكيماً في قطع العلاقات مع إيران، وأيضاً سيكون للمقاطعة الاقتصادية أثر سلبي على طهران، لأن تفاعلات المقاطعة ستشمل دول الخليج، ويقودها هذه المرة الشباب الخليجي، تحت عنوان قاطعوا السلع والمنتجات الإيرانية، الأمر الذي سيعزز أكثر من العلاقات الاقتصادية مع تركيا، والهند ومصر على الخصوص، فإيران هي من يحتاج الأسواق الخليجية وليست دول الخليج.
كما أن منع الطيران المدني الإيراني من المرور في الأجواء السعودية، يعني كلف كبيرة على إيران، والملاحظ أن الصادرات السعودية إلى طهران تقل عن 400 مليون ريال، والواردات السعودية من إيران لا تزيد عن 685 مليون ريال سعودي، لذا فإن حجم التجارة المشتركة بين الرياض وطهران لا تزيد عن 1,70مليار ريال مع نهاية 2014م، وهذه النسب لا تمثل أي قيمة بالنسبة للصادرات والواردات السعودية.
فالاقتصاد الإيراني يظل اقتصاداً هشاً ومتهالكاً، وغير قادر على المنافسة، وتلبية احتياجات المواطن الإيراني، لأنه اقتصاد عسكري، والصناعات الإيرانية ليس لها قبول خليجي، وبالتالي فإن الاقتصاد السعودي والخليجي لا يستفيد من الاقتصاد الإيراني، لأنه رديء ويفتقد التقنية الحديثة والمتطورة، حيث لا يوجد في إيران صناعات متميزة بقطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة، ووسائل النقل الحديثة.
والبيئة والسوق الإيراني غير جاذبة للصادرات السعودية، والخليجية والعربية، لسبب رئيس متعلق بطغيان الجانب السياسي، والأمني والإرهابي على حساب الجانب الاقتصادي والاستثماري، وأن غالبية رجال الأعمال الإيرانيين متواجدين في دبي وفي تركيا، وهو اقتصاد يفتقد إلى الثقة والاتزان والاستقرار، في بلد تحكمه ميليشيا إرهابية، وليس نظام دولة ومؤسسات.
منذ عام 1979م وإيران غير قادرة إطلاقاً على بناء علاقات ثقة مع دول الجوار، ودول العالم الأخرى، حيث انعكس ذلك على طبيعة العلاقات الاقتصادية، والثقافية والسياسية أيضاً، فإيران دولة تعيش ثقافة العسكر، والميليشيا، ودولة بوليسية الطابع، ولهذا يخشاها أي اقتصاد ذاهب إلى إيران، كما أن تصرفات السلطات الإيرانية غير مأمونة الجانب مع العرب على الخصوص، حتى وإن كانوا من العرب الشيعة، لأنها تبحث عن أدوات وليس عن علاقات متوازنة.
ففي إيران بيروقراطية معقدة وفساد مركب وسلطة شبه مطلقة للحرس الثوري، وأصبحت فوق القانون، ومن يرغب بالتعامل التجاري مع إيران، عليه أن يجد له نافذة على الحرس الثوري أولاً وعليه أن ينافق مع الإيرانيين في هواهم السياسي، وأن يناصر حزب الله، وأن يحضر المناسبات الإيرانية، وأن يصبح مستثمراً بدرجة عميل متعاون.
وإيران غير مستقرة، فإن البيئة الاستثمارية فيها نتاج لحالة عدم الاستقرار، وعليه يحجم كبار رجال الأعمال عن الاستثمار في إيران، كما أن الاستثمارات في إيران ظلت متوقفة منذ سنوات طويلة، وغير ذلك فإن البنية التحتية ضعيفة ومتخلفة، وإن معظمها منذ عهد الشاه، حتى الفنادق والمؤسسات والأسواق، حتى الإنترنت والاتصالات متخلفة جداً بسبب بوليسية الدولة.
ولا يوجد في إيران مناخ استثماري آمن بسبب انشغال الحكومة بالغوغاء، وزرع الفتن والقلاقل في أراضيها وخارج أراضيها، والعمل على هدر ثروات البلاد على التنظيمات المتطرفة، وقاتل الأطفال في سوريا، وأيضا لا تجد مستشفى أو جامعة أو خدمات متميزة، إنما نجحت إيران في تصدير الكراهية، والعدوان ودعم الجماعات الإرهابية في مناطق كثيرة مثل سوريا واليمن ونيجيريا والعراق وغيرها من دول الجوار.
ولم يستطع الاقتصاد الإيراني الخروج من أزماته المتتالية، والتي انعكست على العلاقات الإيرانية المضطربة مع الكثير من دول العالم وخاصة مع دول الجوار، وبالتالي عاش الاقتصاد الإيراني مرحلة ضعف تعطلت فيه غالبية مقومات التنمية، والبنية التحتية، كما انعكست على العملة المحلية وانتشار البطالة والمخدرات في المجتمع الإيراني.
أخيراً المخاوف من النظام الإيراني كثيرة، والضمانات تبدو قليلة، فالاقتصاد الإيراني بحاجة إلى السوق الخليجي، ويبقى الاستثمار في إيران مغامرة خطرة جداً على بلادنا، ولهذا فإن غالبية الاستثمارات ستكون حكومية، وليس استثمارات يقودها القطاع الخاص، ومن يسيطر على الأسواق هم رجال البازار المتحالفين مع السلطة، بينما الحرس الثوري يسيطر على الموانئ وله مطاراته ومصانعه وليس من وراء طهران سوى الخراب والدمار، والفتنة وعدم الاستقرار، وإيران الخاسر الوحيد في هذه الأزمة، ولهذا فإن المملكة أحسنت صنعاً بمقاطعتها سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً.