ناصر الصِرامي
كتبت هذا العنوان في سبيل الاختصار، على حسابي الشخصي في تويتر، وكان يُفترض أن أكتب نصَّ مقابلة محمد بن سلمان.
لكن الاختصار أعجبني جداً، بعد أن عدتُ إلى قراءة حوار سموه مع مجلة الأكونمست الرصينة، والمعروفة. المقابلة ليست مهمة في كونها الأولى التي يعطيها الأمير بهذه التفاصيل الأولية.
الحديث في عرضه وأفكاره يمثل رؤية شابة سعودية طموحة تمثلنا بشكل مميز في الأولويات، والجدية، وتراتبية الحكم، والقرار، كما أن فيه تعليقات لافتة حول جملة من أبرز المحاور الرئيسة في السياسة السعودية العليا، نحو اليمن، وإيران، كما ملف الاقتصاد الكبير.
قال الأمير ما يثيره كل مواطن سعودي في الداخل والخارج: «فما علاقة مواطن سعودي ارتكب جريمة في السعودية، وأُصدِر بحقه قرار من محكمة سعودية، ما علاقة ذلك بإيران؟، إن دلَّ ذلك على شيء، فهو يدل على حرص إيران على توسيع نفوذها في دول المنطقة». وعن احتمالات الحرب بين الرياض، وطهران، قال: ومن يدفع بهذا الاتجاه، فهو ليس في كامل قواه العقلية؛ لأن الحرب بين السعودية وإيران تعني بداية كارثة كبرى في المنطقة، وسوف تنعكس بقوة على بقية العالم. وبالتأكيد لن نسمح بحدوث ذلك.
وبعد أن شرح بوضوح طريقة اتخاذ قرار الحرب في اليمن، والمخاطر التي كانت أبرز أسبابه،كشف أن أكثر من 80% من أراضي اليمن تحت سيطرة الحكومة الشرعية. وأن العالم اكتشف الألاعيب التي كان يقوم بها الحوثيون، فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية.
الأمير محمد بن سلمان يرأس الجهاز الاقتصادي والتنموي في البلاد، ويُمسِك بخيوط الاقتصاد السعودي الذي يعمل على توجيهه. وحديثه مع مجلة مثل الأكونمست الاقتصادية العريقة، لن يخلو من هذا الجانب، بل تصدَّر الأخبار فيما يتعلق بالتفكير بطرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب العام، هنا نحن نتحدث عن أكبر شركة في العالم، وشريان الاقتصاد الوطني، والقابضة على ثروة النفط الوطنية، والتي تدار عملياتها بسرية يندر أن تطل خارج أسوارها، والآن ستفتح كتبها وخزائنها للنور، أمر بالغ الأهمية لنهاية مرحلة «البقرة المقدسة»، كما كتب زميلنا عبدالرحمن الراشد واصفاً الشركة.
عنوان «تنويع مصادر الدخل» هذا بحدِّ ذاته، قضية وقصة. لم نعدْ نثق في تحقيقها بعد أن أخفقت كل الخطط التنموية السابقة في إنجاز ما يستحق، رغم تكرار هذا الهدف في أكثر من موقع، في كل الخطط المعلنة. وكنا نكرره بملل في الصحافة المحلية حتى أصبح مملاً جداً..!
لكن ما ذكره الأمير محمد بن سلمان في المقابلة مثيرٌ لدرجة إعادة الحياة إلى ذلك العنوان. هنا نحن لسنا أمام مجرد خبر، ولكن أمام ملامح من برنامج العمل الاقتصادي والتنموي.
طرح أرامكو - لو تم - ليس حدثاً منفرداً، لكن من الواضح أنه يأتي في إطار سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، «ولدينا أيضاً أكثر من 6% من احتياطات اليورانيوم العالمية. علاوةً على أننا نمتلك الكثير من الأصول غير المستغلة، من الأراضي الحكومية، والتي يمكن تحويلها إلى أصول استثمارية».
«إصلاحات نظام الدعم الحكومي، حيث إن لدينا20% فقط من الطبقات الوسطى والدنيا التي تستفيد من الدعم الحكومي. نحن نستهدف الـ80%، ونحاول الإبقاء على فوائد الطبقات الوسطى والدنيا... سنعمل على توسيع السياحة الدينية، وزيادة عدد السائحين، والحجاج القادمين إلى مكة، والمدينة».كما يقول الأمير.
مشروع لا يخلو من التخصيص بشكل جامح وضروري، «الأصول ستذهب للخزينة، ثم ستتحول إلى مشاريع، ومن ثم إلى الشركات، وبعد ذلك ستطرح في السوق المالية للاكتتاب العام».
تنوع مصادر الدخل، وخفض الاعتماد على البترول، سيحقق عائدات غير نفطية، بنحو 100 مليار دولار أميركي خلال السنوات الخمس المقبلة. بالإضافة إلى إدخال أصول جديدة إلى خزينة الدولة تقدر بـ400 مليار دولار على مدى السنوات القريبة.
ذلك كله جعلني أميل إلى ترك العنوان كما في اختصار تويتر.. نص - وثيقة - الأمير محمد بن سلمان.