د.عبدالعزيز العمر
يبقى الابتعاث تجربة وذكرى خالدة في وجدان وعقل أي مبتعث، وهي ذكرى لا يمحوها الزمن ولا يخفيها (عجاج الوقت) كما يقول الشاعر خالد الفيصل.. كانت رحلة الابتعاث بالنسبة لي (ولغيري) حافلة بثنائيات من الفشل والنجاح، والآمال والإحباطات، والقلق والاطمئنان. ومما رسخ في ذاكرتي صورة ذلك الأستاذ الجامعي الأمريكي الستيني وهو يدخل علينا في قاعة المحاضرة حاملا على كتفه بندقية، ساورني حينها شيء من القلق خوفا من أن يكون هذا الأستاذ الجامعي مريضا نفسيا فيمطرنا برصاص بندقيته. وقف هذا الأستاذ في زاوية الفصل وبدأ في تصويب بندقيته، حينها بدأت أنظر في أقرب مخرج من القاعة، وفي لحظات أطلق أستاذنا رصاصة دوى صوتها في المبنى. لاحظت حينها أن كمية من المياه وقطع من الخشب بدأت تتساقط فوق رؤوسنا نحن الطلاب. ما حصل هو أن هذا الأستاذ الجامعي كان يريد أن يشرح لنا مفهوما فيزيائيا، لقد تطلب إيضاح ذلك المفهوم أن يقوم أستاذنا بإدخال رصاصة عنوة في مكعب خشبي ممتلئ كليا بالماء ومغلق تماما. كم أنت رائع في تدريسك أيها الأستاذ الجامعي، لقد اخترقت رصاصتك المكعب الخشبي في الوقت الذي كان فيه المفهوم الفيزيائي الذي شرحته يخترق دماغي ليبقى فيه إلى الأبد. أتذكر في هذا الشأن أنني زرت عددا من مدارسنا الثانوية كباحث حاملا معي مقياساً عالمياً مقننا لجودة التدريس. لقد كشف لي المقياس هزالة ورداءة مستوى تدريس معلمينا لمادة الفيزياء إلى الحد الذي شعرت بأنني سأدخل في نوبة بكاء.، إن أردتم أن نرتاح ونستمر في (عمانا) قولوا هذا نوع من جلد الذات.