فوزية الجار الله
(1)
ليس أجمل من عمل تطوعي تؤديه بكل حب وتفانٍ ولا ترجو فيه سوى رضا الرحمن الرحيم..
كنت وما زلت من محبي تقديم أقصى ما يمكن من مجهود من خلال عمل تطوعي، ولذا فقد تقدمت إلى إحدى الجمعيات الشهيرة المهتمة بالعمل الاجتماعي في وطننا، كان أحد شروط العضوية دفع مبلغ من المال، هذا المبلغ ربما يكون ضئيلاً بالنسبة لمؤسسة، لكنه يُعتبر كبيراً ومجزياً على مستوى الأفراد العاديين أمثالي، أثناء التقديم قمت بتعبئة استمارة أجبت خلالها على بضع أسئلة من بينها ما هو العمل أو الأعمال التي يمكنني المساهمة فيها؟!.. مرت الأيام شهراً خلف آخر، ولم أستلم رسالة عبر أي وسيلة كانت الجوال أو الإيميل حول تكليفي بعمل تطوعي كما هو متفق عليه أو على أدنى تقدير حسب ما فهمت وعلمت، مضى على هذا الأمر أكثر من تسعة أشهر، لماذا؟ هل المسألة مجرد جمع تبرعات وحسب؟.. وهل تذهب هذه الأموال إلى مكانها الصحيح المفترض؟!
* * *
(2)
قرأت مطلع هذا الأسبوع خبراً يقول بأن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سيدعو إلى إحداث ثورة في تربية الطفل، يتضمن ذلك رغبته في أن تبدأ كل العائلات بأخذ دروس إجبارية ليتقن الوالدان كيفية إدارة سلوك أولادهما لمساعدتهم على اللعب وتقديم مصدر إلهام لهم ولتعليمهم الانضباط والتهذيب.
وأشارت الصحف البريطانية إلى خطة حكومية جديدة لتجنب تفكك العائلات.. ولتجنب الاتهامات بتدخل الدولة في شؤون مواطنيها سيتبنى كاميرون فكرة مفادها أنه من الطبيعي أن يحصل الوالدان على إرشادات حول تصرفاتهم مع أولادهم.
أدهشتني هذه الفكرة وقلت: ليتنا نتبنى مثلها بحيث يكون أمراً ملزماً أن يتلقى الوالدان تدريباً بكيفية التعامل مع أطفالهما في مراحل مختلفة من أعمارهم.. فالكثير من الآباء والأمهات لدينا لا يدركون الوسائل الأمثل لتربية وتنشئة الأبناء.
* * *
(3)
عرض أحدهم في مدينة كامبريدج البريطانية منصة لبيع الكتب، وقد علّقت إحدى الصحف على ذلك قائلة: (لأن القراء لا يسرقون واللصوص لا يقرؤون وضع بائع منصة بيع الكتب بأحد الشوارع في كامبريدج وتركها ومن أخذ كتاباً وضع ثمنه في الصندوق)..
«اللصوص لا يقرؤون»!.. نعم، وأيضاً الأميون والجهّال والسطحيون لا يقرؤون، وتلك إشكالية كبرى أمام الكاتب تطرح أمامه سؤالاً بحجم الفضاء: هل هو معني بتعديل السلوكيات الخاطئة للجميع؟!
هذا يجعلنا نؤمن يقيناً بأن الكتابة ليست هي الوسيلة الوحيدة الأمثل للإصلاح وإنما لا بد من وسائل أخرى للدعم والمساندة لهذا الجانب، مثل أولئك بحاجة إلى إصلاح أكثر مباشرة عبر التلفزيون أو المحاضرات أو ربما عبر القوانين والأنظمة الإلزامية.