عبدالحفيظ الشمري
في مقابلاتهم المباشرة واتصالاتهم الهاتفية مع الناس دائماً ما يردد بعض الشباب العاملين بالقطاعات الخدمية عبارة: (كيف أخدمك..؟)؛ وهي نغمة أو لزمة لطيفة لا يملون من ترديها، إذ يودون مساعدتنا وخدمتنا من خلال ما يخدمون فيه من قطاعات؛ إلا أننا نود أن نأخذ منهم هذه العبارة؛ لنفصلها ونكيفها على واقع الشباب واحتياجاتهم! وكيف نخدمهم بالفعل؟.. ليس بوصفه شعارا لشركة ما إنما بأفعالٍ تكفل لهم سبل النجاح في المستقبل، ونحقق لهم ما يبحثون عنه من فرص تجعلهم إيجابيين في هذه الحياة.
وحينما نتعاطى هذا الموضوع ونتأمله، ونتعرف معاً على جوانب الضعف والقوة فيه، فلا بد أن نقف على حقائق مهمة؛ تكشف لنا أن هناك خلال ما في تكوين العلاقة بين الشباب وخدماتهم المفترضة؛ لا سيما حينما ينهون مراحل التعليم، لتنقطع في هذا السياق علاقتهم بالمدرسة أو الجامعة، فلا ترى لهذه الجهات أي دور في رعايتهم وخدمتهم ولو من الناحية المعنوية على أقل تقدير.
فمن الأجدى أن تهتم جميع المؤسسات التي ترعى الشباب وتهيئ لهم سبل المستقبل وهم في المدارس وعلى مدرجات الجامعة، أي أنه من المهم أن يكون هناك من يعد لهم طريق المستقبل، لا أن يبحثوا عنه، ويلهثون في الجري وراء سراب أو يأس، أو لا قدر الله يظل البعض الطريق فيذهبون إلى جهات ترعى التطرف والانحراف.
ولكي لا نبالغ في الترفيه والدلال وتحقيق الأمنيات ليخرج الشباب مرفها أو مخدوماً بمبالغة.. فإنه من الإنصاف والأجدى أن يكون التخطيط للأجيال القادمة متوازناً ويلبي احتياجاته في مجال التعليم والعمل؛ وذلك من خلال خطط قصيرة وآنية، وأخرى مستقبلية بعيدة المدى، فيجدر بالجميع أن يعيدوا مفهوم رعاية الجيل الجديد، وتقديم العون له ليس بتوفير وظيفة وحسب، إنما بجعله أداة مهمة من أدوات البناء، أي أن يكون هناك مرحلة نوعية بين نهاية التعليم وبداية العمل الوظيفي الذي يتطلع إليه الجميع.
ومن أبرز هذه الملاحظات أنه وبمجرد الحديث عن الشباب تبرز لك جهة أو جهتين فقط معنية بأمرهم.. فمجرد أن تحرك بوصلة البحث تصل فوراً إلى «رعاية الشباب» أو «الرئاسة العامة لرعاية الشباب» التي حملت في شعارها كل أمر يخص الشباب، ألا أن هذه الجهة، ورغم ما تسعى إليه، تبقى أسيرة للمفهوم النمطي عن رعاية الشباب بأنها إدارة خدمية معنوية تعنى بالشق الرياضي والترفيهي والثقافي ومناشط معنوية أخرى.
إلا أن رعاية الشباب غالباً ما تظهر أنها مشغولة بأمور جانبية من حياة الشباب واهتماماتهم على نحو اهتمامها بالدوري الكروي، لتضيق هنا خصوصية مفهوم هذه الجهة التي قامت على أسس عظيمة وكبيرة وشاملة؛ لا يمكن أن تتحول مع الوقت إلى إدارة تفك ما التبس في المباريات، وتعاقب اللاعبين، وتتدخل في مقولات المحللين والمعلقين، وتدعي الحكمة، في وقت تتجاهل دورها الكبير والمؤثر في بناء جيل متكامل، وبخدمات نوعية، تفيده في الجانب المعنوي والمادي على حد سواء.
فـ»الرئاسة العامة لرعاية الشباب» لا يمكن أن نتجاوز إنجازاتها، أو نتجاهل جهودها ليس في مجال خدمة الرياضة وحسب إنما برعاية الشباب، ومتطلبات حياتهم، ونشاطهم، ووعيهم، فهي هنا أكبر من أن تحجم، أو يقل عطاؤها، بل مرشح لها أن تضطلع بأدوار أكبر في خدمة الشباب وتحقيق طموحاته.