د. عبد الله المعيلي
قال: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم (لم نرض الدنية في ديننا) وذلك عند كتابة صلح الحديبية مع قريش، وفيه جاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي: «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: أما الرحمن فهو الله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، اعترض المسلمون على هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتب باسمك اللهم» ثم قال: هذا ما قضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي: «والله إني لرسول الله وإن كذبتموني» اكتب محمد بن عبد الله».
هذا هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم، الصبر والأناة، الحلم والحكمة، إنه ولا ريب المنهج الحق، منهج تجاوز العقبات الصغيرة والصبر عليها في سبيل تغليب المصالح الآتية، وهو يعلم صلى الله عليه وسلم علم اليقين أنه على حق، وأنه لا إمكان لقبول اعتراض قريش، ولكن لكون حالة الإسلام وقدرة المسلمين ما زالت في بدايات التكوين، غلب صلى الله عليه وسلم ما يسمح بتوقيع الصلح إلى حين يتمكن الإسلام والمسلمون من قولة: (لا) بملء الفم لقريش وغيرها، إنها الحكمة والنظر البعيد.
ما أشبه الليلة بالبارحة، حيث رأى قادة المملكة - وكانت رؤية صائبة - الصبر على بذاءات إيران الصفوية الحاقدة على الإسلام عامة، والعرب بصفة خاصة وأبواقها من ببغاوية الداخل والخارج إلى حين معين، من أجل تأليف قلوبهم، وإيجاد مناخات لإزالة أوجه الاحتقان معهم، وسد الذرائع التي يتدثرون بها، وعندما تبين لقادة المملكة أنه لم يعد للصبر والمصابرة على إيران وببغاواتها في الداخل أي جدوى وفائدة، حيث التمادي وقلة الحياء والبجاحة من سب وشتم وإثارة للفتن، وخروج على قادة الدولة ورجالها وأنظمتها، كانت الوقفة الحازمة الجازمة الشجاعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله وأيده بنصره وتوفيقه- والصفعة التي آلمتهم وأربكتهم وقطعت الطريق على آمالهم التوسعية في صناعة مخالب القطط أمثال حسن في لبنان وأذابها في العراق، هؤلاء القوم لا ينفع معهم إلا الصفع على الوجه، ووقفات الحزم التي لا تخشى في الله لومة لائم، أسوة بما قام به عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القادسية حيث حطم تاج كسرى، وبذلك طفأة نارهم وولى مجدهم في حينه.
هؤلاء القوم لا مجال للتعايش معهم، وعلى دعاة التقارب أن يستيقظوا من أحلامهم، ويدركوا أن الصفوية ربيبة الصهيونية، وأنه لا يمكن أن نلتقي معهم بحال، الصهاينة يعدون الإسلام عدوهم الأول، وحسب مقولة: اقطع لها من جنبها عصا، صنعوا الصفوية وألبسوها زورًا وبهتانًا لباس الإسلام، رافعين شعار محبة آل البيت، وآل البيت منهم براء، المسلمون السنة هم من يحب آل البيت بصدق، يحبون عليا والحسن والحسين، وفاطمة وبنات الرسول كافة دون تفرقة بينهن، وفي الوقت نفسه يحبون صحابة رسول الله، أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين، ويحبون عائشة أم المؤمنين، وزوجات النبي كافة.
سر خادم الحرمين على منهجك في الحزم والعزم مؤيدًا من الله، ومن مواطنين مؤيدين واثقين في حكمتك وحنكتك وقدرتك، إنهم يحبونك ويدعون لك بالمزيد من التوفيق والسداد.