د. خيرية السقاف
دائماً يرغب المفكر في أن يقول كلاماً جديداً لم يسبق له أن قاله هو، أو غيره،
لكن ما يبدو أنه مزعج له، أن لا شيء من ذلك يمكن أن يتحقق له..
فكل الكلام قيل كما يقال، وما هو إلا إنسان يعيش مع الناس كما الناس !!
لكن، ما يعود فيفرحه هو أنْ ليس كل الأفكار قد خرجت من كمونها..
فالأفكار تتجدد كما الماء، وتبث فيها الحياة كما الماء أيضاً،
على الرغم من أنّ شكل الماء لا يوحي بتجدده، والأفكار لا ما يحصدها..!
وبينما هو يكسب التجدد الدائم طالما يتحرك، ويجري، و يمد، ويتدور،
الأفكار تكسب تدفقها بالحرية ذاتها..!
ولا ما يفسد الماء، ولا يجعله يطيب غير ركوده .. ومحاصرته، .. وتقييده ..
أجل الماء يُقيد كالفكر، وتسجن ذراتِه كخيوط نسيج الآخر..!
وفي حريتهما، وانطلاقهما، والإضافة إليهما تكمن حياتهما ..!!
فهما الشبيهان في الحياة، وفي الموت، !!
في الاستطابة، وفي الوخم ..!!
الحياة للإنسان، وفي الإنسان، وعنه تماماً..!!
أما الكلام فيلقى، ويتكرر، ويستديم في التكرار بالحروف ذاتها..!
لكن ليس كل من يتكلم صاحب فكرة،
كما أن ليس كل صاحب فكرة منتجاً لها ..
وإنّ الحياة كما تدوم بالماء، تنتعش، وتُثرى،
فإنها تدوم بالأفكار المنتجة، وتثمر..!