أحمد الناصر الأحمد
هو تتبّعك بكل حركاتك وسكناتك.. عودة الصوت وارتداده إليك.. هو ( النكتف ) للصورة والظل للشخص.. إنه الصدى بكل تتابعه وتبعيته!.
كتبت عنه قبل فترة وأعيد الكتابة عنه الآن بشكل أوضح علّ الرسالة تصل!.
كثير من المبدعين عموماً والشعراء على وجه الخصوص تاهوا وبهتوا وانتهوا لأنهم أصبحوا مجرد صدى لأصوات معروفة ومؤثرة أو حتى شبه معروفة ومحدودة التأثير!.. قلّدوها.. انساقوا خلف ضوئها وبريقها، حاولوا أن يشبهوها أو يتشبّهوا بها لكنهم فشلوا.
الصدى أو الظل لا يصنع دهشة ولا يُنتج إبداعاً مميزاً.. الصدى شبيه والشبيه لا يكون أصلاً بل تابعاً.. حين تختار أن تكون ظلاً فأنت تقرر التخلي عن كل خصائصك الإبداعية ومزاياك الجمالية، وكل قيم التفرد التي تميزك عن سواك لتصبح ،تابعا وصدى يحمل ملامح غيره وصفات لا تتسق مع شخصيته ومكوّناته الشخصية والإبداعية.
أفضل من جسّد الصدى رغم نرجسية التجسيد وعلو صوت الأنا داخل القصيدة، هو الفخم الضخم المتنبي حيث يقول بكل علو وثقة وغرور كما هو في الكثير من قصائده:
وَمَا الدّهْرُ إلاّ مِنْ رُواةِ قَصائِدي
إذا قُلتُ شِعراً أصْبَحَ الدّهرُ مُنشِدَا
فَسَارَ بهِ مَنْ لا يَسيرُ مُشَمِّرا
وَغَنّى بهِ مَنْ لا يُغَنّي مُغَرِّدَا
أجِزْني إذا أُنْشِدْتَ شِعراً فإنّمَا
بشِعري أتَاكَ المادِحونَ مُرَدَّدَا
وَدَعْ كلّ صَوْتٍ غَيرَ صَوْتي فإنّني
أنَا الطّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصّدَى
الجميل في أبيات المتنبي هو تجسيده لظاهرة الصدى بشكلها الفردي والجماعي، وقد أبدع في الوصف والتشخيص.
الأكيد أن عمر الصدى أو الظل قصير وتأثيره محدود وقيمته الفنية والإبداعية ضئيلة جداً.