رقية الهويريني
بعد تقاعد الموظف يستلم راتبه كاملاً حين يكمل أربعين عاماً في العمل الحكومي، وبرغم ذلك يتبرم بعض الموظفين عندما يحل أجل التقاعد وذلك لسبب واحد وهو فقدهم مميزات خارج الدوام! وهذا الإجراء الذي تتخذه جميع الدوائر
الحكومية لا يكون غالباً بهدف الاستفادة من خدمات الموظفين الأكفاء بقدر مجاملتهم، وهو بلا شك أحد أبواب الفساد!
وعادة ساعات خارج الدوام للموظف الحكومي تبدأ بعد الساعة الثانية ظهراً وحتى الخامسة مساءً في أيام العمل الرسمية، ولكن الموظف يقضيها غالباً بالاسترخاء أو النوم دون حضور مراجعين، ويغادر عمله عند الرابعة والنصف بحجة الاستعداد لصلاة المغرب، ولا يوجد من يتابع هذا الموظف، فالمدير وبقية الموظفين يغادرون مكاتبهم قبل الثانية ظهراً!
والملاحظ أنه بعد حالات الترشيد الحكومية المفروضة حالياً استناداً إلى تقليص المصروفات في العديد من البنود أن عمدت بعض الوزارات إلى تقليص أو إيقاف خارج الدوام عن 50% من موظفيها وذلك وفق ضوابط تمثلت في ألا تتجاوز نسبة المكلفين مدة محددة بناء على الحاجة الفعلية، وقصر التكليف على الموظفين الأكثر كفاءة ومهنية وإنتاجية وظيفية.
وطالما أن بعض الوزارات والدوائر الحكومية ترى الحاجة قائمة لمزيد من الوقت في سبيل خدمة المراجع فتلجأ إلى إجراء خارج الدوام فإنه من الجدير إضافة ساعات ليوم العمل الرسمي بما لا تزيد عن ثمان ساعات وإلغاء خارج الدوام تماماً.
ولعل زيادة ساعات الدوام الحكومي تفرض التنافس والتقارب بالخيارات وترجح بكفة القطاع الخاص الذي يتهم بطول وقت العمل ولو كان متفوقاً بالرواتب والمزايا.
وقد تكون الخصخصة هي الخيار الأفضل كما حدث في قطاعات كثيرة منها الكهرباء والمياه والاتصالات والبريد وشركات التشغيل الذاتي التي ارتقت خدماتها بعد تخصيصها وتبعها تحسنٌ في رواتب موظفيها وإلغاء التلاعب والفساد فيما يتعلق ببنود خارج الدوام.
كما نأمل أن نرى بالخصخصة تغيير نمط الخدمات المقدمة للمواطن وتبديل أشكالها في التوظيف من خلال نهج الأحقية والأفضلية وليس الأقدمية فحسب؛ ومعالجة السلبيات القائمة مع ضرورة ربط الترقيات والعلاوات بمدى جودة العمل والإنجاز والالتزام والانضباط بعيداً عن المحسوبية، وهي مؤشرات على العمل الحقيقي وليست البطالة المقنّعة.