فاطمة العتيبي
إذا ذُكر لك، أنَّ فلاناً من الناس مخلص، فماذا يتبادر إلى ذهنك؟
طرحت هذا التساؤل على مجموعات هاتفية متفاوتة في الثقافة والخبرة. البعض قالوا إنَّ الإخلاص يعني المصداقية، والحرص على رضا ذوي المصالح (المواطنين)، وهم بمجموعهم يشكلون الوطن. أما البقية قالوا إنَّ الإخلاص يعني الحرص على رضا المسؤول مديراً أو وزيراً!! والبعض قالوا إنَّه الإخلاص للزوجة، وعدم الزواج بأخرى عليها.
وبعضهم قال إنَّ إخلاص المرء في هذا الزمن هو لمصالحه الشخصية، وأهدافه حتى لو أدى الأمر إلى أن يتحالف مع الشيطان حتى يحققها دون أن تردعه عن ذلك عقيدة أو كرامة! وكان هذا جواب 30% من الذين طرحت عليهم السؤال عبر المجموعات التي أشارك معها. وشيوع هذا المعنى لايعني صحته، ولا يعني أيضاً أنه خطأ، لكن السؤال كيف تلونت القيم، وأصبحت تتخذ صفة القبول عند الناس؟، فيقال عن فلان أنه (ذيب) كناية عن أنه يمارس الخبث، والمكر ليصل لمصالحه حتى إنَّ أخطاءه الواضحة تكيَّف لتحول إلى مميزات. والتكييف مصطلح جديد انتقل من تكييف الأحكام حسب تغير الوقائع إلى تكييف الممارسات ذاتها؛ فيصبح المكروه مندوباً إليه، ويصبح المندوب إليه مكروهاً، فيكون الإخلاص لمصالح المواطنين خيانة، والإخلاص لمصالح المدير الشخصية وطنية. لذا لا تجد أنك مندهشاً من أن يمتدح إخلاص فلان، وهو مكشوف الأوراق للعامة والخاصة، أو أن يحصل آخر على منصب أو ترقية مع أنه متورط في قضية كراهية، أو تمرير أعمال غير قانونية؛ لأنه هو ومن رشحه من 30% من المذكورين سابقاً!