موضي الزهراني
للأسف الشديد هناك الكثير من المشكلات التعليمية والسلوكية قد تتطور إلى قضايا حساسة خطرة تمس أمن وأمان الوطن بسبب التدني في مستوى تأهيل الكوادر البشرية ذات القدرات المتوسطة في الوطن، أو ذات السلوكيات المضطربة والمنحرفة، والعمل على آلية لتسخير طاقاتهم في خدمة وطنهم بدون خسائر مادية أو بشرية تسيء لاستقرار الوطن الاجتماعي والأمني ! ولو استعرضنا تلك النماذج البشرية التي تطورت معاناتها من الإهمال والتهميش وصعوبات التعلم، والتكيف الاجتماعي والأسري، حتى بلغت مستوىً خطيراً من الفكر والسلوك لنكتشف الآتي:
- حالات تعاني من التفكك الأسري التي لم يتم التركيز عليها في الإرشاد الأسري والدعم النفسي، من خلال البرامج الأسرية الشاملة وليست المقتصرة على الإرشاد الهاتفي فقط، مما تسبب ذلك في ارتفاع نسبة الطلاق، ونتاج أطفال النزاع الأسري الذين قد يصنفون «قنابلاً موقوتة» بسبب التربية العدوانية التي قد يتعرضون لها خلال طفولتهم المبكرة!
- الفشل الدراسي لأسباب نفسية أو صحية لم يتم اكتشافها بسهولة، بل لم يتم دعمها نفسياً واحتواء معاناتها للنهوض بقدراتها حتى تصل إلى الصفوف المنتجة والواثقة بنفسها!.
- أيضاً هروب الفتيات وانحراف الأحداث، والتركيز لدينا من خلال الجهات الأمنية والقضائية على المحاسبة والعقاب، وتجاهل دور الأسرة وأثرها في ذلك، ومدى حجم الأمانة الواقعة عليها في التسبب في انحراف أبنائها، والقيام برفضهم بعد دخولهم المؤسسات الإصلاحية، ودفعهم لتكرار الانحراف مرة أخرى وبمستوىً عال من الخطورة على ذاته، وأسرته، ومجتمعه!
- حالات الفقر والبطالة التي مازالت الهاجس لدى الكثير من الدول المتقدمة (سواء كانت عربية أو أوروبية) وبالرغم أن هناك الكثير من الشراكات والمبادرات مابين القطاعات الحكومية والخاصة من أجل معالجة هذه الحالات، إلا أن هذا الهاجس مازال مقلقاً في الخطط الإستراتيجية لمعالجة الفقر والحد من آثاره على الأمن الوطني!.
وإن كانت- ولله الحمد- الجهود متعددة، والخدمات متنوعة، والأغلبية تسعى للتعديل والمعالجة والتأهيل، والإصلاح، إلا أنه ما زال ينقصنا العمل بمهنية عالية تفوق مستوى العطاء المهني المفروض، ينقصنا العمل باحتواء إنساني من أجل دعم هذا الطفل أو الحدث أو الشاب الذي أهملته أسرته وتنكرت لواجبها تجاهه! الجميع يعمل ويبحث عن التغيير للأفضل، ونحن الآن نعيش مرحلة انتقالية عظيمة تمس مشروع التحول الوطني الذي لن يتحقق والقائمين على تنفيذ مخرجاته مستقبلاً يعملون تحت ضغط حب الذات، وتدني مستوى الانتماء الوطني قبل كل شيء!