د. خيرية السقاف
أسوأ ما يواجه الآن الكاتب، والموظف في عمله، والطالب في دراسته، وصاحب الشأن المعتمد على التدوين، أن يتعثّر به جهاز حاسوبه، فيعجز عن الكتابة، وعن الاتصال، وعن الوصول لبوابة الهدف، بعد أن استغنى الناس عن أقلامهم،
ويبدو مع كل التشبث العنيد الذي أمارسه بقلمي أنني وقعت في هذا الفخ بالأمس وهو يوم إجازة، وما أدراك ما يوم الإجازة الذي تتعطل معه جميع جهات الصيانة..
فخ، ليس جميلاً، بل هو القرع الذي يذكرني كلما حدث أن قلمي، وقرطاسي، ومحبرتي الأبقى، الأوفى، ولا غير..،
لكن في ضوء ارتباط وسائل الحاسوب بعضها ببعض كي تصل هدفك تعثر أمرك..!
قلمي ومحبرتي وقرطاسي الأبقى ولا غير،
من منطلق الدور الحيوي، والعلاقة الحميمة، والشغف المتنامي لهذه العلاقة بيني، وبينها..!
ويبدو أنّ كل من رائحة الحبر، والورق تزخر في حواسه لا يمكن أن يستغني عنها..
وقد مررت بكثير حوار حول هذه الحقيقة الثابتة في مواقف شتى، ومناسبات عديدة بعضها عابر، وبعضها فاعل، حول علاقة الكاتب بالورق، والقلم، في ضوء هذا التدخل السافر بينه وبين أدواته الحميمة من جهاز الحاسوب، ولوحة مفاتيحه..
نواجه جميعنا مهما اختلفت توجهاتنا، وحاجاتنا للكتابة، والتواصل بجهة معنية،
وكم هو الحرج حين نتأخر.. ونحن لا نتأخر، وإنما يفرض علينا التأخر هذا الجهاز وتبعاته..!!
تحديداًَ عند موعد تسليم مقالة، أو حضور حوار، أو تزويد جهة بمعلومة ما عاجلة، أو أداء مشاركة ثقافية، أو علمية، حدث هذا في حياة الناس بعد أن تدخّل هذا الجهاز ليس بقرون استشعاره فقط، بل بكله، وبما عنه في جميع شؤوننا..
اللحظة فقط بعد تأخير لم يكن في حيلتي له أمر،.. أضع آخر نقطة فيما أقول عن حقيقة عدم الانسيابية المطلقة بين المرء وحاسوبه، لأنّ العلاقة ليست حميمة، وإنما هي آلية فقط تخلو من المقومات التي للقلم، والقرطاس، والمحبرة، التي معه حتى في طريق طويل ليس فيه نقطة إرسال تربطه بالعالم الذي قرّبه منه هذا الجهاز في أصغر نافذة، وأوسعها..
ولكنه فجأة يمكنه أن يحبسها عنه، فيغلق عليه كالسجين.. وهذا ما لا تفعله أوراقنا وأقلامنا.
وماذا بعد أيها الحاسوب..؟!
اللهم استر..!