رمضان جريدي العنزي
لقد تسلط علينا الإرهابيون بكل أشكالهم وألوانهم وأصنافهم وتوجهاتهم وأحجامهم ودرجاتهم، أصناف من البشر لا علاقة لهم بالبشر، مجرد مشاريع للنكوص والفناء، منظرين وفاعلين للموت والدمار، متلبسين بالخزي والعار والشنار،
ناعقين بالخراب أشد من الغراب، متخندقين في ردهات السراديب السوداء، سابحين في المستنقعات العتيقة المهجورة، راكضين في السبخ الكثيفة، حاقدين حاسدين ناكثين للوعود والعهود ولا عندهم وفاء، يحاولون زرع الفتنة بيننا، وتمزيق نسيجنا الاجتماعي الفريد، ووحدتنا الخلابة، وسوقنا نحو التيه والظمأ والجوع والضياع، وفق أساليب شريرة واهنة بالية، هؤلاء الإرهابيون المشكلون يحاولون الجثم على صدورنا والتهامنا، وبيعنا في سوق الخردة لحساب أوهامهم الخائبة، وطموحاتهم القاصرة، تحت وطأة تحالفاتهم السوداء مع الأفكار والأفراد والأحزاب والمجاميع والدول الداعمة للخراب المتفرجة منها والمحرضة والممولة والداعمة، حتى بتنا نملك القدرة على فك تصريحاتهم المشفرة، وأقوالهم المبهمة، وأعمالهم السرية، أن حساباتهم الغاشمة هي إنهائنا، وتشريدنا، والاستحواذ علينا، أرضاً وإنساناً وكياناً ووحدة وأمة ووجوداً، تاريخاً وإرثاً وميراثاً وحضارة، وهذه هي الحقيقة الجلية، التي لن يحجبها تهريجهم السيركي، وهرطقاتهم الفكرية، وتنظيراتهم السقيمة، وقصورهم الأخلاقي والتربوي، وقزمية أعمالهم، وتبادل الأدوار التمثيلية، لقد شرعوا منذ زمن بعيد بالسير على النهج القذر الذي رسمه لهم المحرضون والمنظرون والداعمون والممولون، لتنفيذ مشاريع الخبث لتدميرنا والعبث بنا وسرقة ثرواتنا وكنوزنا وتحويلنا إلى كتلة إسفنجية رخوة ممتلئة بثقوب كبيرة لا حصر لها، لا لسعادتنا ورخائنا ورفاهيتنا وأمننا واستقرارنا ونمونا وتطويرنا صناعياً واقتصادياً وزراعياً وتجارياً، بل يريدون بكل صلف تحويلنا إلى مجتمع ضعيف ممزق متهالك مزروع بالفتن والأحقاد والضغائن والنعرات الطائفية والمذهبية والاحتراب والاقتتال وعودة الثأرات والنهب والسلب وقطع الطريق وأسلوب العصابات، وتكريس الجهل والأمية والعيش في الظلام الدامس المخيف، يريدون لشمسنا الكسوف، ولقمرنا الخسوف، ولنجومنا التناثر، ولكواكبنا الانشطار، ولفضائنا العتمة، ولأرضنا الخراب، لكن ليعلم هؤلاء العابثون الهاوين للدم والهدم والحرق والقتل والخراب والإبادة، بأن بلادنا السعودية ليست ملكاً لهم، ولا للذين يقفون وراءهم أياً كانوا وأياً كانت أحجامهم ومقاساتهم وألقابهم، وليست قرية مجهولة يعيثون فيها كيفما يشاؤون ويريدون، وليست كوكباً تائهاً في أفق عبثهم وأحلامهم الواهنة، التي تشبه أحلام النطيحة والعفجاء والمخنوقة والمتردية، ولا وقفاً من أوقفهم الخائبة، ولم تكن في يوم من الأيام خاضعة لإرادة القوى الغاشمة، ولا تابعة لدولة ظالمة، ولا لفرقة جانحة، ولا لأحزاب بأحلامها الصفراء هائمة، فالسعودية وطن المجد والإباء، ومهد الحضارة، وبوابة التاريخ، ومرآة الإنسانية، وخزانة العلم، ومثوى الأبطال، ودار الأئمة، وقبلة العالم، ولا يهمها فلاسفة التيه، ومنظري الخراب، ولا عواء العاوين، ولا نباح النابحين، ولا تكترث لنقيق الضفادع، ولا لطنين الذباب، ولا عواء الذئاب، ولا تمثيل الثعالب، ولا ثغاء الخراف، مهما توالدوا، وتناسلوا، وتكاثرت أعدادهم، وتشعبت أطماعهم، وكثرت طوائفهم، وزاد أتباعهم، وتنوعت تياراتهم الهائجة، لقد بلغ ابتذالهم الأخلاقي، وقصورهم التربوي، وعقوقهم الوطني مبلغاً عظيماً، ضاعت فيه القيم والمبادئ من أرواحهم، وتصاعدت نبرة العداوة والبغضاء من أفواههم، وتجاوزوا الحماقات كلها، بكل خطوطها الحمر كلها، حتى وصل الطيش بهم إلى مستوى المجازفة بالوطن كله، والأمة كلها، والتضحية بمستقبله ومستقبل الأمة وأجيالها، هم يريدون أن يكون وطنناً أشبه بسفينة تائهة بلا شراع، تتقاذفها الأمواج وتوشك على الغرق في بحر لا قرار له، لقد أثبت هؤلاء الثآليل النافرة بالقبح، للقاصي والداني مدى سطحية مواقفهم التافهة، ودفاعهم المستميت عن مصالح دافعيهم وداعميهم والضاحكين عليهم باستهزاء، وتعنتهم في ترويج رغباتهم الآنية، وفق خطاب تحريضي، وفعل ذميم، نحو تفعيل الأفكار الساعية للخراب، لقد بات واضحاً أن العقلية العدائية، والأصابع الخفية، والأجندات الإقليمية والعالمية البغيضة، هي التي تقود هؤلاء السذج لفعل هذا المنكر الشنيع، لقد رأى هؤلاء المتوشحين بالقبح والدمامة، بأن الحق لهم ومعهم وليس لسواهم، وأنهم هم الأفضل والأكفأ والأقوى والأصلح، وغيرهم لا يفهم ولا يصلح، حتى أخذتهم العزة بالإثم، فرفضوا نداء الدين والعقل والمنطق، لقد أسرفوا كثيراً بفعل المنكرات والموبقات والدم الحرام، لكنهم سيغرقون في برك مهاتراتهم الآسنة، وستنقلب عليهم خناجر الغدر والجحود والنكران لتغتالهم، وستطردهم الدول والأحزاب والجماعات التي آوتهم وحرضتهم ودعمتهم ودثرتهم بالمال والأفكار السيئة وشحنتهم بالأقاويل الكاذبة، ستخذلهم بوجهها الزئبقي المراوغ، وسيصبحون بعدها جياع يبحثون عن فتات الخبز في الأزقة المظلمة، والدروب الضيقة، وسيبيتون عراة يبحثون عن الأسمال البالية ليستروا بها عوراتهم المفضوحة التي لنقيهم خذلان الفضيحة، وعار الخيانة، وحرمة العقوق، وشنار العمل، ومنكر القول، وسيعلم هؤلاء الظلمة أي منقلب سينقلبون، وما ذلك على الله بعزيز.